مضت عبر التاريخ وغبر الزمان ، دعاية ضالة مضلّة لا تحمل ـ شاءوا ام أبوا ـ علموا ام لم يعلموا ـ لا تحمل إلّا حمل كاملة الأوزار :
(لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ)(٢٥).
«ليحملوا» هي غاية واقعية مهما كانت معلومة مقصودة ، ام مجهولة غير مقصودة ، فذلك الحمل لا جرم واقع يوم القيامة لا مردّ له مهما كانوا له وللقيامة ناكرين.
فقد يقصد الفاعل بفعله غاية يصل إليها أم لا يصل ، وقد تقصده الغاية التي هي لزام فعله وان لم يقصدها ، بل أنكرها ورفضها وحاول في سلبها واثبات ما يعارضها ، و «ليحملوا» هنا غاية قاصدة غير مقصودة كما في أضرابها مثل ما في موسى (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) (٢٨ : ٨) ومن ذا الذي ينجي غريقا ويربيه كأحسن ما يرام ليكون بالمآل له عدوا وحزنا ، بل هي غاية قاصدة بأمر الله لا مقصودة لآل فرعون.
والأوزار هي الأثقال ، وهي هنا الخطايا والآثام ، حيث تقطع المتون وتنقض الظهور : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ) (٢٩ : ١٣).
__________________
ـ محمد ووصل إليهم قال أحدهم : ان فلان بن فلان ، فيعرفه نسبه ويقول له : انا أخبرك عن محمد إنه رجل كذاب لم يتبعه على امره الا السفهاء والعبيد ومن لا خير فيهم ، واما شيوخ قومه وخيارهم فمفارقون له ، فيرجع الوافد فذلك قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ...) فان كان الوافد ممن عزم الله له الرشاد فقالوا له مثل ذلك قال بئس الوافد لقومي ان كنت جئت حتى إذا بلغت مسيرة يوم رجعت قبل ان ألقى هذا الرجل وأنظر ما يقول وآتي قومي ببيان امره فيدخل مكة فيلقى المؤمنين فيسألهم ماذا يقول محمد فيقولون خيرا ...