يدانيه او يساميه.
هذا! ثم بعد تمام النعمة وكمالها حسب القدر الحكيم (إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ) بفقدان نعمة أو نقصانها امتحانا أو امتهانا حسب الحكمة الربانية «فإليه» لا سواه من آلهة تتخذونها مع الله «تجأرون» : تنعرون وتنهرون ، نعرة البقار ونهرة الوحوش.
فأنتم ـ إذا ـ بين حقين واقعين من واجب التوحيد لساحة الربوبية : واقع توحيد النعم ، وواقع حكم الفطرة انه تعالى هو المنجي لا سواه ، (إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ) ساعة الضيق والعسر ، وحين تنقطع كلّ الأسباب وتحار دونه الألباب ، وعند ما يصهركم الضر وينفض عنكم أو شاب الشرك وأعشابه ، حينذاك (فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ) شئتم ام أبيتم ، جئورا فطريا اتوماتيكيا من هؤلاء المشركين بالله او الملحدين في الله.
فكل براهين التوحيد آفاقية وانفسية إمّا هيه معسكرة دائبة أمام البصائر والأبصار ، مثبتة لتوحيد الذات والصفات والأفعال ، وقضيتها عقليا وفطريا وواقعيا توحيد العبودية لله ، سبحانه وتعالى عما يشركون.
(ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ٥٤ لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) ٥٥.
هنالك فريق وهم قلة قليلة يفيقون راجعين الى توحيد ربهم ، بعد الانتباه الى وحدة المنعم ، والمجئر المرجع عند الضر ، وبعد كشف الضر ، وفريق آخر وهم ثلة عليلة (بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) «ليكفروا» جاهلين او متجاهلين ، كفرا او كفرانا (بِما آتَيْناهُمْ) من النعم قبل البأساء والضراء وبعدهما «فتمتعوا» يا حماقى الطغيان ، في الكفر او الكفران ، تمتعوا من زخرفات الحياة الدنيا حتى حين ، متعة الحيونة الدانية والشهوة الفانية (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) بعد جهل عامد ، او تجاهل عاند ، «تعلمون» ان الله هو الحق المبين ، وان العذاب على من كذب وتولى.