ثم «ليكفروا» هذه ، قد تجمع بين الأمر والغاية ، امرا تعجيزيا في تنديد شديد هو أشد من النهي ، وكما امر إبليس زعيمهم (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ ..) (١٧ : ٦٤).
وغاية مقصودة لفريق من المشركين في تجاهل عاند لنعم الله تعالى وهم من أحمق الحماقى ، ام غاية قاصدة لآخرين على جهل مقصر حيث تغافلوا عن نعم الله وأخلدوا إلى أسباب مادية كأنها هي الأسباب فقط ، ثم لا شغل لله فيها ، وهم العارفون ان (ما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ).
انه ليس التمتع بمتع الحياة منهيا عنه محرما ، وانما التمتع الملهي عن الله لا سيما من المشرك بالله ، او الملحد في الله ، فكل ما يتمتعون به سوف يؤاخذون عليه لكفرهم بالمنعم وكفرانهم بالنعمة (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) ان هذه النعم المتعة ستبدّل لهم نقما متعبة ، ف (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ) (١٤ : ٧) (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) (٣٩ : ٤٧).
وانها لنموذجة مكرورة طول التاريخ الإنساني ، ففي المضايق الفادحة الكادحة تتوجه القلوب الى الله وتتعلق بالله بحكم الفطرة التي فطر الناس عليها ، ثم في المفارج والمفارح تتلهى بالنعمة بمختلف الإلهاءات والملهيات واللهوات ، من تأليه قيم وأوضاع وموافقات قد تسمى اتفاقيات ، ام قابليات مهما لم تسم باسم الآلهة ، ولكنها في الواقع كآلهة حيث تستغل مستقلة بجنب الله ، ام وكأن لا حول فيها لله.
(وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ) ٥٦.
هؤلاء المشركون الحماقى يتشطّرون رزق الله بين الله وبين ما لا