والمثل في وجه عام هو الصفة ، ذاتية ام فعلية ، والثانية هي الآية ، مشابهة لصاحبها كأفعال المخلوقين ، أم غير مشابهة كأفعال الله.
ثم هو في مثلث من الحالات : مثل السوء ـ مثل العال ـ والمثل الأعلى ، ف (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ) صفات وأفعالا إذ لا يتحذّرون عواقب السوء حيث لا يؤمون بها ، إذا فقالهم وأحوالهم وصفاتهم وأفعالهم هي كلها (مَثَلُ السَّوْءِ) وكما في قولهم : الملائكة بنات الله ، وفعلهم عبادة لهم من دون الله ، ووأدهم بناتهم ، فهم سوء في ذواتهم وصفاتهم وأفعالهم وتوصيفاتهم ، حيث السّوء مصدر وهم مصدر كل سوء.
ثم للذين يؤمنون بالآخرة مثل عال على حد العلوّ في إيمانهم وتحذّرهم عن عواقب السوء ، فهم ـ إذا ـ درجات في أمثالهم ، ذوات وصفات وأفعالا وفي أية تصرفات ، وليس فسوق المؤمن أحيانا إلّا نسيانا للآخرة على إيمان وليس النكران ، فانه كفر لا يجتمع مع إيمان ، و (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (١١ : ٢٤).
وثالثة الأمثال هي لله تعالى ، وهي (الْمَثَلُ الْأَعْلى) مثلا منفصلا عن ذاته هو فعله بصفاته الفعلية في الكون كله : (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٣٠ : ٢٧) مثل أعلى من أمثال خلقه الدانية ، مهما كانت عالية حسنة كمثل المؤمنين ، قوليا تشريعيا ككل أقواله ووحيه إلى أنبياءه ، أم تكوينيا ككل خلقه بما خلق ، دون ما يختلقه بعض خلقه ف (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) أم تكوينيا يحمل التشريع كرسله وسائر هداته المعصومين ف (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ .. فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) (٢٤ : ٣٦) وهو النور المحمدية والمحمديون من عترته المعصومين ، فإنهم المثل الأعلى في هداية الله ، ومهما كان مثله الأعلى في السماوات والأرض ، ومنه نفس السماوات والأرض ، ولكن أمثاله ـ حسب حكمته البالغة ـ درجات ، بدرجات الرسالات والمرسل