حين يضغط عليه من وراء الرحم فيكمش نفسه ، وهذه اقل مراتب الحس في ادنى حيوان ، ومناسبة الحكم والموضوع في اللّايعلم بالنسبة للإنسان علمه كإنسان ، ف «شيئا» هنا يختص بشيء العلم الإنساني.
ثم لا يصح نفي العلم عن اي كائن حتى النبات والجماد : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) (١٧ : ٤٤).
فكيف ينفى عن مشارف الانسانية وهي حالة الأجنة الحية ، ولا يصدق «لا يعلم شيئا» في اي شيء!
ثم (السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) وهي منافذ العلم وموارده انسانيا ، بعد (لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) هو الآخر يدلنا على اختصاص العلم المنفي عن الأجنة بالإنساني فقط ، فالأذن والعين والقلب هي لسائر الحيوان ، ولكنما السمع والبصر والفؤاد لخصوص الإنسان (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الله ربكم أن منحكم بهذه النعم الإنسانية وميّزكم عن سائر الحيوان والأنعام : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) (٧ : ١٧٩).
فمرآة النفس الإنسانية خالية حين الولادة عن غير نفسها من العلوم الحصولية الإنسانية ، فهي عالمة بنفسها ـ لأقل تقدير ـ فتشعر الضغوط الواردة عليها حيوانيا ، ثم يعّلم سائر العلوم إلهيا وبشريا ، ومن الأول امتصاص الثدي تغذيا من اللبن :
وحالة (لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) للإنسان حالة غريبة قد لا يستطيع ان يتصوره أي انسان ، مما قد تحسب غيبا قريبا ولكنه موغل بعيد ، رغم ان مولد كل انسان من المشهود القريب القريب.
ثم السمع والأبصار والافئدة هي جمعية مدارك الإنسان ، المتميز بها