لا تعدوا أربعا وليست هي مكية ، ولا ان المشركين يعرفونها ، فان معرفتها بحاجة الى سبر في اغوار القرآن ، وعيشة دائبة في جو الوحي ، بل هي بذلك الحصر والتأكيد الشامل لكامل الرسالة بأسرها ، لأنهم لم يعتبروا آية القرآن آية رسولية ، ومدعي الرسالة دون أية آية هو بطبيعة الحال مفتر في كل ما يحمله زعم الرسالة ، ولو كانت هي فقط الآية الناسخة لخصتها الفرية وانحصرت فيها دون حصر شامل لكل ما يفعل او يقول الا ناسخة الآيات.
(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ان تبديل آية القرآن مكان سائر آيات الرسالات ، إنه لزام خاتمية الرسالة ، وأقلهم يعلمون ، فهذه القلة العالمة الناكرة معاندة وهم رؤوس الضلالة ، ثم وتلك الثلة الجاهلة تقصيرا بتقليدهم إياهم دون قصور ، هم أتباع وهوامش الضلالة.
ان المشركين لا يدركون مسئولية هذه الشرعة الاخيرة والكتاب الأخير لآخر بشير ونذير ، لا يدركون انه جاء لإنشاء مجتمع عالمي على مدار الزمن ، الرسالة الاخيرة التي ختمت بها الرسالات كلها ، فإذا بدل آية رسولية مكان آية اخرى انتهى أجلها واستنفدت أغراضها ، آية اخيرة هي الصالحة للحالة الجديدة ، وكافة الأنسال المتجددة الى يوم القيامة ، إذا بدلت هكذا حكيمة صالحة مصلحة (قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ).
والآية في تفسير شمولي على هامش الآية القرآن ، تشمل الآيات الناسخة (١) التي تدفع الناكرين لوحي القرآن على اعتراض : ما ذلك التناقض بين احكامه ان كان من الله؟ (إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ) على الله فانه لا
__________________
(١) نور الثقلين عن تفسير القمي في الآية قال : إذا نسخت آية قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنت مفتر فرد الله عليهم فقال قل لهم يا محمد : نزله ... يعني جبرئيل.