الذي اضطرّه إلى المسألة ، كما قال تعالى : (ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ١ ، فلم يشترط للاستجابة إلاّ أن يكون هناك دعاء حقيقة وأن يكون ذلك الدعاء متعلّقا به وحده. ٢ وقال أيضا في تفسير قوله سبحانه : (وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ) ٣ : الّذي يعطيه السياق أن يكون المراد بالخلافة الخلافة الأرضيّة التي جعلها اللّه للإنسان يتصرّف بها في الأرض وما فيها من الخليقة كيف يشاء كما قال تعالى : (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَئِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى الْأَرْضِ خَلِيفَةً). ٤
وذلك أنّ تصرّفاته التي يتصرّف بها في الأرض وما فيها بخلافته اُمور مرتبطة بحياته متعلّقة بمعاشه ، فالسوء الذي يوقعه موقع الاضطرار ويسأل اللّه كشفه لا محالة شيء من الأشياء التي تمنعه التصرّف أو بعض التصرّف فيها وتغلق عليه باب الحياة والبقاء وما يتعلّق بذلك أو بعض أبوابها ففي كشف السوء عنه تتميم لخلافته. ويتّضح هذا المعنى مزيد اتّضاح لو حمل الدعاء والمسألة في قوله : (إِذَا دَعَاهُ) على الأعمّ من الدعاء اللساني كما هو الظاهر من قوله تعالى : (وَءَاتَـاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا) ٥ ، وقوله : (يَسْئلُهُ مَن فِى السَّمَـوَتِ وَالْأَرْضِ) ٦ ؛ إذ يكون على هذا جميع ما اُوتي الإنسانُ ورُزِقَه من التصرّفات من مصاديق كشف السوء عن المضطرّ المحتاج إثر دعائه ، فجعله خليفة يتبع إجابة دعائه وكشف السوء الذي اضطرّه عنه. ٧
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١. المؤمن : ٦٠.
٢. الميزان في تفسير القرآن : ج ١٥ ص ٣٨١.
٣. النمل : ٦٢.
٤. البقرة : ٣٠.
٥. إبراهيم : ٣٤.
٦. الرحمن : ٢٩.
٧. الميزان في تفسير القرآن : ج ١٥ ص ٣٨٣.