أنّ «بِسمِ اللّه الرَّحمنِ الرَّحيمِ أقرَبُ إلَى اسمِ اللّه الأَعظَمِ مِن بَياضِ العَينِ إلى سَوادِها» ، وما ورد أنّه في آية الكرسي وأوّل سورة آل عمران ، وما ورد أنّ حروفه متفرّقة في سورة الحمد يعرفها الإمام وإذا شاء ألّفها ودعا بها فاستجيب له ، وما ورد أنّ آصف ابن برخيا وزير سليمان دعا بما عنده من حروف اسم اللّه الأعظم فأحضر عرش ملكة سبأ عند سليمان في أقلّ من طرفة عين ، وما ورد أنّ الاسم الأعظم على ثلاثة وسبعين حرفا قسم اللّه بين أنبيائه اثنين وسبعين منها ، واستأثر واحدا منها عنده في علم الغيب ، إلى غير ذلك من الروايات المشعرة بأنّ له تأليفا لفظيا.
والبحث الحقيقي عن العلّة والمعلول وخواصّها يدفع ذلك كلّه ؛ فإنّ التأثير الحقيقي يدور مدار وجود الأشياء في قوّته وضعفه والمسانخة بين المؤثّر والمتأثّر ، والاسم اللفظي إذا اعتبرنا من جهة خصوص لفظه كان مجموعة أصوات مسموعة هي من الكيفيات العرضية ، وإذا اعتبر من جهة معناه المتصوّر كان صورة ذهنية لا أثر لها من حيث نفسها في شيء البتة ، ومن المستحيل أن يكون صوت أوجدناه من طريق الحنجرة أو صورة خيالية نصوّرها في ذهننا بحيث يقهر بوجوده وجود كلّ شيء ، ويتصرّف فيما نريده ، على ما نريده فيقلب السماء أرضا والأرض سماءً ويحوّل الدنيا إلى الآخرة وبالعكس وهكذا ، وهو في نفسه معلول لإرادتنا.
والأسماء الإلهية واسمه الأعظم خاصّة وإن كانت مؤثرة في الكون ووسائط وأسبابا لنزول الفيض من الذات المتعالية في هذا العالم المشهود ، لكنّها إنّما تؤثّر بحقائقها لا بالألفاظ الدالة في لغة كذا عليها ، ولا بمعانيها المفهومة من ألفاظها المتصوّرة في الأذهان ، ومعنى ذلك أنّ اللّه سبحانه هو الفاعل الموجد لكلّ شيء بما له من الصفة الكريمة المناسبة له التي يحويها الاسم المناسب ، لا تأثير اللفظ أو صورة مفهومة في الذهن أو حقيقة أُخرى غير الذات المتعالية ، إلاّ أنّ اللّه سبحانه