فَبَينا هُوَ يَمشي إذ صادَفَهُ راهِبٌ يَمشي فِي الطَّريقِ ، فَحَمِيَت عَلَيهِمَا الشَّمسُ ، فَقالَ الرّاهِبُ لِلشّابِّ : اُدعُ اللّه َ يُظِلَّنا بِغَمامَةٍ ؛ فَقَد حَمِيَت عَلَينَا الشَّمسُ. فَقالَ الشّابُّ : ما أعلَمُ أنَّ لي عِندَ رَبّي حَسَنَةً فَأَتَجاسَرَ عَلى أن أسأَلَهُ شَيئا! قالَ : فَأَدعو أنَا وتُؤَمِّنُ أنتَ؟ قالَ : نَعَم. فَأَقبَلَ الرّاهِبُ يَدعو وَالشّابُّ يُؤَمِّنُ ، فَما كانَ بِأَسرَعَ مِن أن أظَلَّتهُما غَمامَةٌ ، فَمَشَيا تَحتَها مَلِيّا مِنَ النَّهارِ ، ثُمَّ تَفَرَّقَتِ الجادَّةُ جادَّتَينِ ، فَأَخَذَ الشّابُّ في واحِدَةٍ وأخَذَ الرّاهِبُ في واحِدَةٍ ، فَإِذَا السَّحابَةُ مَعَ الشّابِّ.
فَقالَ الرّاهِبُ : أنتَ خَيرٌ مِنّي ، لَكَ استُجيبَ ولَم يُستَجَب لي ، فَأَخبِرني ما قِصَّتُكَ؟ فَأَخبَرَهُ بِخَبَرِ المَرأَةِ ، فَقالَ : غُفِرَ لَكَ ما مَضى حَيثُ دَخَلَكَ الخَوفُ ، فَانظُر كَيفَ تَكونُ فيما تَستَقبِلُ. ١
١٢ / ٤
اِستِجابَةُ دُعاءِ رَجُلٍ عابِدٍ
١٠٨٢. الإمام الباقر عليهالسلام : إنَّ إبراهيمَ عليهالسلام خَرَجَ ذاتَ يَومٍ يَسيرُ بِبَعيرٍ ، فَمَرَّ بِفَلاةٍ ٢ مِنَ الأَرضِ فَإِذا هُوَ بِرَجُلٍ قائِمٍ يُصَلّي قَد قَطَعَ الأَرضَ إلَى السَّماءِ طولُهُ ، ولِباسُهُ شَعرٌ ، قالَ : فَوَقَفَ عَلَيهِ إبراهيمُ عليهالسلام وعَجِبَ مِنهُ وجَلَسَ يَنتَظِرُ فَراغَهُ ، فَلَمّا طالَ عَلَيهِ حَرَّكَهُ بِيَدِهِ فَقالَ لَهُ : إنَّ لي حاجَةً فَخَفِّف. قالَ : فَخَفَّفَ الرَّجُلُ وجَلَسَ إبراهيمُ عليهالسلام.
فَقالَ لَهُ إبراهيمُ عليهالسلام : لِمَن تُصَلّي؟ فَقالَ : لاِءِلهِ إبراهيمَ. فَقالَ لَهُ : ومَن إلهُ إبراهيمَ؟ فَقالَ : الَّذي خَلَقَكَ وخَلَقَني. فَقالَ لَهُ إبراهيمُ عليهالسلام : قَد أعجَبَني نَحوُكَ ، وأنَا اُحِبُّ أن اُواخِيَكَ فِي اللّه ِ ، أينَ مَنزِلُكَ إذا أرَدتُ زِيارَتَكَ ولِقاءَكَ؟ فَقالَ لَهُ الرَّجُلُ : مَنزِلي خَلفَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١. الكافي : ج ٢ ص ٦٩ ح ٨ عن أبي حمزة الثمالي ، بحار الأنوار : ج ١٤ ص ٥٠٧ ح ٣٢ وج ٧٠ ص ٣٦١ ح ٦.
٢. الفلاة : القفر من الأرض ، وقيل : هي التي لا ماء فيها. وقيل : هي الصحراء الواسعة (لسان العرب : ج ١٥ ص ١٦٤ «فلا»).