تُشيرونَ؟ قالوا : نَرى أن تَتَباعَدَ عَن هذَا الرَّجُلِ ، وأن تُغَيِّبَ شَخصَكَ مِنهُ ؛ فَإِنَّهُ لا يُؤمَنُ شَرُّهُ. فَتَبَسَّمَ أبُو الحَسَنِ عليهالسلام ثُمَّ قالَ :
زَعَمَت سَخِينَةُ أن سَتَغلِبُ رَبَّها |
|
ولَيُغلَبَنَّ مُغالِبُ الغَلاّبِ. |
ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ إلَى السَّماءِ فَقالَ : إلهي كَم مِن عَدُوٍّ شَحَذَ لي ظُبَةَ مُديَتِهِ ١ ، وأرهَفَ ٢ لي سِنانَ حَدِّهِ ، ودافَ لي قَواتِلَ سُمومِهِ ، ولَم تَنَم عَنّي عَينُ حِراسَتِهِ ، فَلَمّا رَأَيتَ ضَعفي عَنِ احتِمالِ الفَوادِحِ ، وعَجزي عَن مُلِمّاتِ الجَوائِحِ ٣ ، صَرَفتَ ذلِكَ عَنّي بِحَولِكَ وقُوَّتِكَ ، لا بِحَولي ولا بِقُوَّتي ، فَأَلقَيتَهُ فِي الحَفيرِ الَّذِي احتَفَرَهُ لي خائِبا مِمّا أمَّلَهُ في دُنياهُ ، مُتَباعِدا مِمّا رَجاهُ في آخِرَتِهِ ، فَلَكَ الحَمدُ عَلى ذلِكَ قَدرَ استِحقاقِكَ سَيِّدِي اللّهُمَّ ، فَخُذهُ بِعِزَّتِكَ ، وَافلُل حَدَّهُ عَنّي بِقُدرَتِكَ ، وَاجعَل لَهُ شُغُلاً فيما يَليهِ ، وعَجزا عَمَّن يُناويهِ ٤ ، اللّهُمَّ وأعدِني عَلَيهِ عَدوى حاضِرَةً تَكونُ مِن غَيظي شِفاءً ، ومِن حَقّي عَلَيهِ وَفاءً ، وصِلِ اللّهُمَّ دُعائي بِالإِجابَةِ ، وَانظِم شَكاتي بِالتَّغييرِ ، وعَرِّفهُ عَمّا قَليلٍ ما وَعَدتَ الظّالِمينَ ، وعَرِّفني ما وَعَدتَ في إجابَةِ المُضطَرّينَ ، إنَّكَ ذو الفَضلِ العَظيمِ وَالمَنِّ الكَريمِ.
قالَ : ثُمَّ تَفَرَّقَ القَومُ ، فَمَا اجتَمَعوا إلاّ لِقِراءَةِ الكِتابِ الوارِدِ بِمَوتِ موسَى بنِ المَهدِيِّ. ٥
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١. شحذَ السكّين : أحَدّها. والظُّبَة : حدُّ السيف. والمدية : الشَّفرة (القاموس المحيط : ج ١ ص ٣٥٤ «شحذ» وج ٤ ص ٣٥٨ «ظبب» وص ٣٨٩ «مدى»).
٢. أرهفت سيفي : أي رققته (لسان العرب : ج ٩ ص ١٢٨ «رهف»).
٣. الجائحة : وهي الآفَةُ التي تُهلك الثِّمار والأموال وتَسْتَأْصِلُها ، وكلُّ مصيبةٍ عظيمةٍ وفتنَةٍ مبيرة : جائحة ، والجمع جوائح (النهاية : ج ١ ص ٣١١ «جوح»).
٤. ناواه : أي عاداه ، وأصله الهمز (الصحاح : ج ٦ ص ٢٥١٧ «نوى»).
٥. الأمالي للصدوق : ص ٤٥٩ ح ٦١٢ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ج ١ ص ٧٩ ح ٧ ، الأمالي للطوسي : ص ٤٢١ ح ٩٤٤ ، مُهج الدعوات : ص ٤٣ ، كشف الغمّة : ج ٣ ص ٤٠ نحوه ، بحار الأنوار : ج ٤٨ ص ٢١٧ ح ١٧ وج ٩٥ ص ٢٠٩ ح ١ ، وراجع المناقب لابن شهر آشوب : ج ٤ ص ٣٠٧.