فانظر هذا القول الصريح على الخمر والمسكر ، إنه نجس ، وأنه مفسد. وجميع اليهود يشربونه. وانظر ما تقدم من قول الملك الذي جاء من عند الله إلى سيدنا زكريا عليهالسلام ، وقال له : إن الله قبل دعاءك ، وامرأتك اليصبات تلد ابنا يدعى باسمه يوحنا ـ وعندنا في القرآن العزيز اسمه يحيى ويكون له فرح عظيم ، وتهليل وكثير يفرحون بمولده ويكون عظيما قدام الرب ، لا يشرب خمرا ومسكرا وهذا في الإنجيل.
فاليهود (١٣٨) تتعامى على ما عندهم في التوراية من المنع والتبيين أنه نجس. ويحللونه لنفوسهم النجسة. والنصارى تقأ هذا النص في التوراية ، وتقرأ أيضا ما في الإنجيل من قول الملك عن يحيى عليهالسلام أنه لا يشرب خمرا ولا مسكرا. وتعتقد الحلية والطهارة في الخمر ، حتى لا تجوز الصلاة عندهم إلا به. فاشكر الله أيها الأخ الحبيب على ما وجدت في هذا الكتاب من التبيين على دين الإسلام أنه خير الأديان.
والتقيت بمسترضم بفلنضس بحبر مفتي اليهود ، مشى (١٣٩) من بلاد المشرق. وقال لي في أثناء الكلام عن سيدنا موسى عليهالسلام أنه عمل ذنبا عظيما ، قلت له : الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ منزهون عن الذنوب وكيف تقول أنت هذا الكلام؟ قال : نعم ، لأنه كان يوبخ بني إسرائيل ، ويقول فيهم : أنهم قوم قاسحون (١٤٠) لأنهم أهل الله ، ولا علت درجته عند الله تعالى إلا بسببهم. وهذا برهان في ما (١٤١) قلنا (١٤٢) : إن فيهم الكبر ، حتى أنهم يعظمون أنفسهم على أنبياء الله تعالى. وقال لي هنالك يهودي آخر : إن دين الإسلام يتم فيما هو قريب ، قلت له : من قال هذا؟ قال : التوراية ، إن كل من يأتي بدعوة باطلة لم تبلغ ، ولا تدوم ألف (١٤٣) سنة ، قلت له : هذا قول حسن ، لأن دعوة نبينا صلىاللهعليهوسلم جازت الألف سنة بأكثر من عشرين سنة. فلما أن سمع
__________________
(١٣٨) «ب» : فأما اليهود.
(١٣٩) «ب» : جاء إليهم.
(١٤٠) قاسحون : معاندون ، والكلمة مستعملة في العامية المغربية.
(١٤١) «ب» : لما قلنا.
(١٤٢) «ب» : قلت.
(١٤٣) «ب» : باطلة لا تبلغ ألف سنة.