ذلك ، نزل عليه الذل والخزي والتغيير ، وخاب ظنه فيما كان يرجوه. وقد وصى عبد الحق الإسلامي ـ رحمهالله ـ في كتابه الذي تقدم ذكره المسمى بالسيف الممدود في الرد على اليهود ـ للمسلمين أن يتحفظوا من أطعمة اليهود بما علم من غشهم ، وأيضا في كتاب نسيت اسم مؤلفه من كتب المسلمين طلب مني واحد من فقهاء الأندلس أن أترجمه له بالعجمية من العربي بسلا بالمغرب ، وذكر فيه من غش اليهود شيئا كثيرا ، وحكايات مما وقع للمسلمين معهم تركتها للتطويل. ونذكر ما ذكر لي رجل من أهل العلم بمصر ، عن رجل من أكابر العلماء يعرفه ، قال : إنه كان يمشي إلى حومة ديار اليهود لدار حبر من أكابر علمائهم يقرأ عليه علم المنطق ، لأنه كان بالغا فيه ، ومشى يوما كما كانت من عادته ، فلما أن دخل عليه من الباب خرج إليه اليهود ، وأخرجه من داره بسرعة وسد الباب في وجهه ، ومشى العالم متعجبا ، ومتغيرا مما وقع له ، ثم لقيه بعد ذلك اليهودي وقال له في سر : لا تأخذ علي فيما عملت معك ، لأننا عندنا في ديننا أن اليهودي الذي يقدر على قتل من لم يكن على دينه (١٤٤) ، ولا يقتله ، فهو يرتد عن دين اليهود. وأنت يا سيدي في اليوم الذي جئت إلى داري لم يكن أحد في الدار (١٤٥) وكنت قادر على قتلك ، لو دخلت عندي ، وأسرعت بردك لئلا نقتلك ، أو نرتد (١٤٦) ، فانظر وتأمل في هذا الأمر ولا تأمنهم في شيء ، لا سيما أن تنادي طبيبا منهم يعالجك ، أو تأخذ منهم دواء لأنه يسهل عليه قتل العليل ، ولا يلزمه شيء ، وغير ذلك من الأمور التي تضر بالإنسان. انتهى الكلام على اليهود.
وأما الحوائج التي كانت مطروحة ببرضيوش التي نهب الرايس لأهل الحجر الأحمر ، فاتصلت بها بعد أن جاز علينا نحو العام ونصف. والحمد لله أن كل من وكلني من جميع الأندلس وصل إليه شيء من الدراهم. ولما تقضينا من أمورنا ببرضيوش ولينا إلى بريش ، بلد السلطان ، والتقيت هنالك بأكبر المنجمين في الأحكام النجومية وقال لي : هذا العلم لم نر له نتيجة أبدا في الأحكام ، وقد جربت كثيرا من الاختيارات ،
__________________
(١٤٤) «ب» : على دينه من غير أن يلحقه ضرر من الحكام ولا يقتله.
(١٤٥) «ب» : داري لم يكن فيها أحد وكنت.
(١٤٦) «ب» : لئلا نرتد أو نقتلك.