لا يكون حائلا بينه وبين المنظر (١٩١) إليه ، والله تبارك وتعالى يرى البعيد والقريب ، وما تحت الثرى ، وما في داخل الأرحام (١٩٢). وأما الإنسان فلا يعلم من العلم إلا قليلا ، والله تعالى أحاط بكل شيء علما ، وكذلك سائر الصفات الإنسانية كلها ناقصة ، محدودة ، عاجزة ، فانية ، كلها مختلفة لصفات الله تعالى. وأما فعل الإنسان فلا يخرج عن عادته في الأعمال إلا نادرا حتى أن الخط الذي يكتب يكون معروفا له حتى تشهد الناس ، ونقول هذا خط فلان ، وكذلك سائر العمالات والصنائع ، وانظر ، وتأمل في أفعال الله تعالى ، الخالق العظيم ، أن جميع مخلوقاته لا يشبه أحدا أحدا ، ولو اجتمع كل من خلق من بني آدم في الدنيا ، وما يخلق فلا يشبه إنسان آخر غيره ، وإذا شبهه في بعض الأعضاء لابد أن يختلف عن غيره في شيء ، أما في الصوت ، أو غير ذلك ، فهو تبارك وتعالى واحد في ذاته ، وصفاته ، وأفعاله ، لا شبه له ، ويزيد في هذا المعنى شيئا ، ولا تذكرت هل كتبته في البراءة أم لا؟ وهو إن [الإنسان](١٩٣) إذ دخل في غابة أشجار من نوع واحد مثل السّنوبر ، أو قسطل ، أو بلوط ، أو غير ذلك ، وينظر في الأشجار فيرى كل شجرة مختلفة عن جميعها في الطول أو العرض ، أو بعض الأغصان ، أو غير ذلك ، وهذا ظاهر للعيان ، دل هذا أن الله سبحانه وتعالى لا نهاية ولا حد له في علمه ، وقدرته ، وإرادته ، وجميع صفاته.
وأما الإنسان فبخلاف ذلك في فعله ، وعمله. وقد رأيت يوما رجلا اشترى بعض الصّبابط (١٩٤) أو رواحي صغارا لصبيانه ، وفي الزنقة التقى بمعلم خراز قال له : هذا الصّبابط (١٩٥) من دكاني؟ قال له : وكم من حوانيت في مراكش عامرة بمثل هذا ، قال
__________________
(١٩١) «ب» : المنظور.
(١٩٢) بالأصل «الاحرام» وقد أثبتنا ما يوجد بنسخة «ب» ، وهو الأصح.
(١٩٣) إضافة من «ب».
(١٩٤) الصبابط : جمع صباط وهي الحذاء ، والكلمة من أصل إسباني (Zapatos) وقد سقطت من «ب» ، والرواحي جمع ريحية : حذاء نسوي : (دارجة مغربية).
(١٩٥) «ب» : هذه السبابط هي من دكاني.