ففتشت في الليل لا وجدته ، فقرأت البيت مرارا. ورأيت في النوم أنه كان مطروحا في بستان كنت فيه في ذلك اليوم ومشيت من الصبح للموضع بعينه الذي رأيته فيه ووجدته ، ثم مرة أخرى تلف لي ، أظنه مقص عجيب ، وفتشت في حوائجي ، وفي الدار ، وما وجدته. وقرأت البيت مرارا طالبا من الله تعالى أن يرد علي ما تلف لي. ومشيت إلى ناحية السوق بمراكش في زنقة كدية حلوان ، وسمعت حس المقص بين قدمي في الأرض ، ورفعته متعجبا ، لأني على يقين أنه لم يكن عندي. وذكرت ذلك لشيخنا الفقيه الخير سيدي أحمد بن الحاج التواتي الذي كان يقدم لطلب المطر إذا خص (٢٥٧) ، وقال لي : من ساقه لك؟ لا أدري ، قال لي : الله تعالى ساقه.
ومما أنعم الله تعالى علي بمصر في أول شهر ذي القعدة ، صليت يوما الظهر ، وأتيت بسجدتي السهو لأصلي ما زدت في الصلاة ، ثم في اليوم نفسه في صلاة العصر وقع لي مثل ذلك في الصلاة ورفعتها ، فأخذني الغيظ على نفسي ، وقلت : ما كان يقع منك غلط حين تدخلين إلى حضرة السلطان ، وهو مخلوق مثلك ، وحين تقفين بحضرة الخالق العظيم ، ورب السلاطين وخالقهم ، تتكلمين بحضرته والملائكة حاضرون ، تنتقلين بكلامك إلى كلام في شيء آخر ، ثم إلى أمر آخر من الأمور المذمومة بحضرة الله تعالى ، المولى الكيم ، حتى تقول الملائكة عني أنني من الكاذبين ، أو من الحمق أو من المجانين حتى تفسد علي صلاتي. ولكن ـ إن شاء الله ـ نشتري سوطا من جلد ، ونضربك به على كل صلاة بعد سجدتي السهو ، لعلك تخافين من الضرب أكثر مما تخافين من الله تعالى ، الذي هو يراك ويسمعك. ولم نتحقق هل قلت لنفسي ذلك الكلام جهرا أم سرا (٢٥٨). وفي ذلك اليوم بعد أن صليت المغرب وجلست في البيت الذي كنت فيه فرأيت مع الشفق قبل أن وقدت السراج قضيبا نزل قدامي من الهواء من عود الطّرفه على طول ذراع. وقبضته ، وفهمت أن ذلك بدل عن السوط ، كأن لسان الحال يقول لي لا نوخرك إلى أن تشتري سوطا ، خذ هذا واضرب به ينوب عن السوط لعلك تداوي نفسك ، وتخافين من
__________________
(٢٥٧) هنا ينتهي ما سقط من نسخة «ب».
(٢٥٨) إضافة في «ب» : لأنني كنت عازما على ذلك.