«... أنتم الأندلس فيكم عادة غير محمودة. قلت : ما هي؟ قال : إنكم لا تمشون إلا بعضكم مع بعض ، ولا تعطون بناتكم للنصارى القدماء ، ولا تتزوجون مع النصرانيات القدماء. قلت له لماذا نتزوج النصرانيات القدما وكان بمدينة انتقير (مدينة قريبة من مالقه) رجل من قرابتي عشق بنتا نصرانية ، ففي اليوم الذي مشوا فيه بالعروسة إلى الكنيسة ليتم النكاح احتاج أن يلبس العروض الزرد المهند من تحت الحوايج ، وأخذ عنده سيفا لأن قرابتها حلفوا أنهم يقتلونه في الطريق ، وبعد أن تزوجها بسنين لم يدخل إليها أحد من قرابتها ، بل يتمنون موته وموتها ، والنكاح لا يكون ليتخذ به الإنسان أعداء بل أحبابا وقرابة.»
نص الرحلة ص ٤٠
«وبعد أن جلست يوما قال لي : ماذا تعرف من الألسن ، قلت له : العربية ، ولسان إشبانية ، ولسان أهل برتغال ، وكلام الفرنج نفهمه ولكن ما نعرف نتكلم به. قال لي : فأنا نعرف كلام الفرنج ، ونفهم كلام إشبانية ولا أعرف أتكلم به ، وإلى هذا فأكلمك بالفرنج ، وتكلمني بلسان أهل بلاد الأندلس العجمي ، قلت : نعم ، قال لي : ما السبب الذي ظهر لك حمل سلطان إشبانية على إخراج الأندلس من بلاده ، قلت : اعلم أن الأندلس كانوا مسلمين في خفاء من النصارى ، ولكن تارة يظهر عليهم الإسلام ، ويحكمون فيهم ، ولما تحقق منهم ذلك لم يأمن فيهم ، ولا كان يحمل منهم أحدا إلى الحروب ، وهي التي تفني كثيرا من الناس ، وكان أيضا يمنعهم من ركوب البحر لئلا يهربوا إلى أهل ملتهم (...) وهذا الذي ظهر لي حمله على إخراجهم ، لأنهم بطول الزمن يكثرون ..»
نص الرحلة ص ١١٣
«... وبعد أن خرجوا أهل سلطنة بلنسية ، فأمر بالخروج للذين كانوا بالأندلسية وغيرها من البلاد القريبة إليها أن يخرجوا. وبعد أن اكتروا السفن ـ وهم في واد إشبيلية ـ بعث السلطان أمرا عكس الأول ، وقال : إن كل من اكترى سفينة ليمشي لبلاد المسلمين أن يأخذوا لهم كل من كان من أقل من سبع سنين من الأولاد والبنات ، وأخرجوا كل من كان في عشرين سفينة. وأخذوا لأهل الحجر الأحمر نحو ألف من الأولاد. وكل من جاز على طنجة ، وسبتة ، فأخذوا لهم أولادهم مثل الآخرين.».
نص الرحلة ص ١١٩