والباب بجلّي الرومي : أمر أن تسمى الصالحة مريم بأم كذا ، وألا تسمى إلا بذلك الاسم ، فسميت بذلك إلى الآن عند النصارى والتابعين له ـ لعنهم الله وخذلهم ، تعالى عن قولهم علوا كبيرا ، وكان ذلك بقرب نصف المائة الخامسة من ميلاد سيدنا عيسى عليهالسلام ، ولما اشتهر هذا الأمر الشنيع بهذا الاسم الذي لم يكن قبل وعمل به عند القوم الكافرين بعث الله تعالى سيدنا ومولانا محمد صلىاللهعليهوسلم بالقرآن العظيم ، ودين الصراط المستقيم ، وكذبهم فيما قالوا وافتروا ، ونزل في قلوبهم الرعب والخوف من المسلمين ـ نصرهم الله تعالى عليهم ـ ، فكم بلد أخذوا من بلادهم. وهذا ألف سنة بعد النبي صلىاللهعليهوسلم وأكثر معمور الدنيا للمسلمين ، نسأل الله العظيم أن يقوي الإسلام عليهم ، حتى يأخذوا ما بقي لهم ، وأن يكون ذلك فيما هو قريب ، بفضل سيدنا محمد الشفيع الحبيب ، الذي زويت له الدنيا ورأى البعيد والقريب ، إنه سميع مجيب. وتقدم لنا أول ولادة النبي صلىاللهعليهوسلم كانت لإحدى وعشرين سنة وست مائة على حساب سيدنا عيسى ، ونظرت الحساب الذي أمكنني ووجدت ولادة النبي صلىاللهعليهوسلم في نحو الخمس مائة وثمانين بتقريب أو أقل ، وذلك في القرن الذي أشهر برجلّي اللعي ، وسمى الصالحة مريم بأم كذا (٧٨) وليس بين ما أمر به وولادة النبي صلىاللهعليهوسلم إلا نحو الأربعين سنة بتقريب.
وأعلم أن تسمية سيدنا عيسى عليهالسلام بابن الله لا يفهم منه في الإنجيل أنه ابن الله حقيقة ، إنما يفهم نبي مقبول عند الله تعالى (٧٩) ، وقد قرأت في الإنجيل أن واحدا من الحواريين قال لسيدنا عيسى : أنت ابن الله حقيقة ، قال له سيدنا عيسى : أنت قلت ، ولم يقبل منه ذلك. وأما الإنجيل الذي كتبت منه هذه النصوص فحذفوا منه ذلك. وتقدم أن شيئا من الإنجيل ترجمت من الرق. وقال لي القسيس هذه الكلمة مختلفة لما عندنا اليوم. وهذا دليل أنهم يزيدون وينقصون في إنجيلهم وكتب دينهم ، وبرهان ما قلنا أن سيدنا عيسى كان ابن الله كعباد الله الصالحين. قال في الباب الخامس من الإنجيل لمتى : قال سيدنا عيسى عليهالسلام للحواريين : فليضيء نوركم قدام
__________________
(٧٨) كتب في الطرة : (الله) ولعله أنف أن يذكر عبارة «أم الله».
(٧٩) كتب في الطرة : قال في التوراية وأيضا في الإنجيل أن كل من كان صالحا يسمى ابن الله تعالى.