وقال في التوراية في باب ـ لم نستحضره ـ إن الوثان الكاين فيه ذهب أو فضة أن لا ينتفع بها أحد ، وأن يجعلوا ذهبه وفضته في النار.
وقال سيدنا عيسى عليهالسلام في الإنجيل : «أنذر صاحبك عن الفعل القبيح بينك وبينه فإن لم ينته فأنذره بحضرة اثنين ـ أو كما قال ـ فإن لم ينته فدعه كوثني أو عشار». ومعنى وثني : عابد الأوثان والأصنام.
وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «مدمن خمر كعابد وثن» (٩٢). وذكر الشيخ جلال الدين السيوطي في الخصائص الكبرى : «أن النبي صلىاللهعليهوسلم حين دخل مكة المشرفة في عام الفتح ، كان بالكعبة ثلاثمائة وستون صنما بأرجل من رصص وكان يشير إلى كل واحد منها بقضيب بيده من غير أن يصل إليها ، ويقول : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ ، إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) ، فيقع الصنم على ظهره أو وجهه».
وقد أفردت في الرحلة بابا في ذكر الأصنام وحكيات عليها ، ولم نذكر هنا إلا واحدة منها ، وهي : إن الفقيه علي بن محمد البرجي الأندلسي ـ رحمهالله ـ ذكر لي بمراكش أن بقرب البلد الذي كان ساكنا فيه في زماننا هذا كان مسلم أسيرا اسمه أحمد ، وسيده فلان ، ذكر اسم مرتبته مثل مركش اوقند وله بلدان ملك له ، وفي قرية من بلاده اتفق أعين سكانها على شرائهم ، وبعد شرائه في بلد آخر ظهر لهم أن أحمد المسلم يبعثونه ليأتيهم بالصنم ، وأعطوه حمارا ومشى ووضع الصنم عليه وهو يمسكه إلى أن خرج إلى الطريق ولم ير أحدا من النصارى. قال للصنم : والله ما نحملك إلا مربوطا مجرورا على الأرض ، وربطه بحبل في الحمار بعد أن أطرحه على الأرض ، وركب أحمد ، ومشى ولما أن قرب من القرية ، فكان الذين بعثوه ينتظرون الصنم ، ورأوا أحمد راكبا والصنم مجرورا على الأرض فأسرعوا جميعا ، وعروا رؤوسهم تعظيما للصنم وهم يمسحونه ، ويبكون على ما أصابه وقبضوا المسلم أحمد وهم ينظرون بينهم ماذا يصنعون به : هل يقتلونه أو يضربونه؟ واتفق نظرهم أنهم يحملونه إلى سيده ومولى بلدهم ليقتله. ومشوا جميعا. وببركة ما جاهد في الصنم قال لهم سيدهم بعد أن اشتكوا إليه : أنتم تستحقون أشد العقوبة إذ بعثتم مسلما
__________________
(٩٢) أخرجه ابن ماجة في السنن ، باب الأشربة ، ٣ ، والطبراني في المعجم الكبير.