ومن ذلك قوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) (١) أي من قومه ، فحذف «من».
ومنه قوله تعالى : (فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً) (٢) أي : بظلم وزور ، فحذف الباء. وإن زعمت على أنه ليس على حذف الباء ، وإنما هو من باب (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) (٣) لم يمكنك تقدير «زور» على لفظه ، وإنما تقدّره : ظالمين مزورين ، فتعدل أيضا عما تلزمنيه. فقد ثبت أنه على تقدير : فقد جاءوا بظلم وزور.
ومنه قوله تعالى : (وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا) (٤) أي : من أن يقولوا ، أي : يضيق صدرك من مقالتهم : (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ) (٥).
ومن ذلك قوله تعالى : (عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ* أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ) (٦) أي : لأن كان ذا مال ، فحذف اللام. وفيما يتعلق به هذا اللام اختلاف واضطراب : فى قول أبى علىّ ، مرّة : هو متعلق بمحذوف ولم يعلقه بقوله (إِذا تُتْلى) (٧) ولا بقوله [«قال» الذي هو جواب «إذا»] (٨) قال : لأن ما بعد «إذا» لا يعمل فيما قبله.
وقال مرة : بقوله «عتلّ» وهذا كلامه على تفرقة.
قال فى التذكرة (٩) : ومن لم يدخل همزة (١٠) الاستفهام كان «أن» متعلقا ب «عتل» وذلك كأنه القليل الانقياد ، وأنشد أبو زيد :
وعتل داويته من العتل |
|
من قول ما قيل وقيل لم يقل |
__________________
(١) الأعراف : ١٥٥.
(٢) الفرقان : ٤.
(٣) العاديات : ١.
(٤) هود : ١٢.
(٥) القلم : ١٣ ، ١٤.
(٦) القلم : ١٥.
(٧) كتاب كبير في علوم العربية.
(٨) في المخطوطة بياض بقدر كلمتين إشارة إلى كلام ساقط ، والتكملة من الكشاف (٤ : ٥٨٨).
(٩) في المخطوطة : «مرة». ولعل الصواب ما أثبتناه.