الذي عليه البصريّون حذف المضاف على تقدير : كراهة أن يؤتى.
قال أبو علىّ : فى الآية «أن» لا يخلو من أن يكون منتصبا بأنه مفعول به ، أو مفعول له ؛ فلا يجوز أن ينتصب بأنه مفعول به ؛ وذلك أن الفعل قد تعدّى باللام إلى قوله: (لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ) (١) كما تعدى بها فى قوله : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) (٢) فإذا انتصب هذا بأنه مفعول به لم ينتصب به مفعول آخر ، فإذا لم ينتصب بأنه مفعول به انتصب بالوجه [الآخر] (٣) ، والتقدير : لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم : كراهة ذكر أن يؤتى أحد ، وذكر أن يحاجّوكم. والدليل على انتصابه بهذا الوجه : قوله فى الآية الأخرى (إِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ) (٤) وكما أن قوله (لِيُحَاجُّوكُمْ) فى هذه الآية مفعول له ، وقد دخلت اللام عليه ؛ وكذلك قوله (أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ) منتصب بالعطف على ما هو مفعول له.
/ وهذه الآية عندنا على غير ما قاله الشيخ رحمهالله ، والتقدير : ولا تؤمنوا بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ، أو يحاجوكم عند ربكم ، إلا من تبع دينكم ، فالباء مضمر ، و «أن يؤتى» مفعول «لا تؤمنوا» واللام زيادة ، ومن تبع دينكم استثناء من «أحد» على التقدير الذي ذكرنا.
ويجوز أن يكون قوله (لمن تبع دينكم) ، «من» صلة «تؤمنوا» وإنما لا يتعدى الفعل بحرفين إذا كانا متفقين ، وأما إذا كانا مختلفين فالتعدّى بهما جائز. وقد استقصينا هذه المسألة فى غير كتاب من كتبنا.
__________________
(١) آل عمران : ٧٣.
(٢) يوسف : ١٧.
(٣) تكملة يقتضيها السياق.
(٤) البقرة : ٧٦.