ومن ذلك الكاف فى «ذلك» من قوله : (ذلِكَ الْكِتابُ) (١) و «ذانك» من قوله : (فَذانِكَ بُرْهانانِ) (٢) وما أشبهه. الكاف للخطاب لثبات النون فى «ذانك». ولو كان جرّا / بالإضافة حذفت النون كما تحذف من قولهم : هذان غلاماك ، لأن «ذا» اسم مبهم ، وهو أعرف من المضاف ، فلا يجوز إضافته بتة.
ولأنك تقول : عندى ذلك الرجل نفسه. ولا يجوز أن تقول : ذاك نفسك ، بالجر ، ولو كان الكاف جرا لجاز ، فثبت : ذلك نفسه ، وذاك نفسه ، يفسد كون الكاف مجرورا.
ومن ذلك الكاف فى قوله تعالى : (أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ) (٣) فالكاف هنا للخطاب ، ولا محلّ له من الإعراب ؛ لأن العرب تقول : أرأيتك زيدا ما صنع؟
ولو كان «الكاف» المفعول الأول لكان «زيدا» المفعول الثاني ، و «زيدا» غير الكاف ، لأن «زيدا» غائب وهو غير المخاطب ، ولأنه لا فرق [بينه و] (٤) بين قول القائل : أرأيتك زيدا ما صنع؟
ألا ترى قوله : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ) (٥).
وقوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ) (٦).
فالكاف والميم ثبوتهما لا يزيد معنى يختلّ بسقوطهما ، فعلى هذا فقس
__________________
(١) البقرة : ٢.
(٢) القصص : ٣٢.
(٣) الإسراء : ٦٢.
(٤) زيادة يقتضيها السياق.
(٥) الأنعام : ٤٠.
(٦) الأنعام : ٤٦.