قال ابن بحر : ظاهر التلاوة ، قد فسر «السجين» فقال : (وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ) فأخبر أن «للسجين» كتاب مرقوم.
وكأن المعنى : إن الذي كتبه الله على الفجّار ـ أي أوجبه عليهم من الجزاء ـ هو فى هذا الكتاب المسمى سجّينا. ويكون لفظ تسميته من السجن والشدة ، واشتمال الصخرة(١) ، على معنيين :
أحدهما : أن مصير أصحابه إلى ضيق وشدة وسفال.
والآخر : أن يكون ما كتب عليهم لا يتبدل ولا ينمحى ، كالنقش فى الحجر ، فإنه لا يزال باقيا كبقاء النّقش فى الحجر.
وقال فى قوله تعالى (إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) : ظاهر التلاوة يدل على أن (عِلِّيِّينَ) اسم للكتاب ، وإن كان على بناء الجمع ؛ أي الذي أوجبه الله للابرار لفى كتابه المسمّى : عليين ، وهو كتاب مرقوم يشهده الملائكة المقرّبون.
وذكر بعضهم أن «عليين» : الملائكة. فإن كان فى حديث صحيح فإن وجهه أن يكون قوله (كِتابٌ مَرْقُومٌ) خبر «إنّ» مؤخّرا ؛ وتقديره : إن كتاب الأبرار كتاب مرقوم فى عليين ، أي : فى محل الملائكة.
فعلى هذا يكون قد حذف المضاف ، وتكون اللام داخلة على الفضلة ، كقولهم : إنّ زيدا لطعامك آكل. وكان هذا لا يصح ؛ لأن الاختيار إدخال اللام على الخبر دون الفضلة.
__________________
(١) يشير إلى ما جاء على ألسنة المفسرين من أن «سجين» صخرة تحت الأرض السابعة.