الباب. قال الله تعالى : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) (١) قال أبو سعيد : ها أنا ذا ، وها نحن أولاء ، وها هو ذاك ، وها أنت ذا ، وها أنتم هؤلاء ، وها أنتن أولاء ؛ «فها» للتنبيه ، والأسماء بعدها مبتدآت ، والخبر أسماء الإشارة ؛ ذا ، وذاك. وإن شئت جعلت الضمير المقدم هو الخبر ، والإشارة هى الاسم. وأما «ها» فيجوز أن يكون مع «ذا» وفصل بينهما «بأنت» ، المراد ب «هذا» أن تكون مع «ذا» والتقدير : أنا هذا ، ويجوز أن يكون التنبيه للضمير ، لأنهما مشتركان فى الإبهام. فأما من قدّرها مع «ذا» وإن فصل بينهما ، فإنه يحتج بقول زهير :
تعلّمن ها لعمر الله ذا قسما |
|
فاقدر (٢) بذرعك وانظر أين تنسلك |
[و] : فقلت لهم هذا لهاها وذاليا (٣)
والتقدير : هذا لها وذا لى ، فصير الواو بين «ها» و «ذا».
ويحتج أيضا بقولهم : لا ها الله ذا ، واسم «الله» ظاهر لا يدخل عليه هاء التنبيه ، كما لا يدخل على «زيد» ونحوه. وإنما معناه : لا والله هذا. وإن من يقدّر أن «ها» داخلة على «أنت» غير منوى دخولها على «ذا» فإنه يحتج بقوله : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ)(٤) فأتى ب «ها» فأدخلها على «أنتم» ثم أعادها فى «الأولاء». فلو كانت [«ها»] (٥) (أولاء) بمعنى الأولى منويّا بها التأخير ، لكانت «ها» الأولى والثانية جميعا لأولاء. وهذا بعيد. وهذه حجة سيبويه. ومعنى قوله : وقد يكون «ها» فى «ها أنت ذا» غير متقدمة ، أي موضعها ل «أنت» ، غير متقدمة من «ذا» إلى «أنت».
__________________
(١) البقرة : ٨٥.
(٢) في الكتاب (ج ٢ : ١٤٥ ، ١٥٠) : «فاقصد».
(٣) تقدم البيت في حواشي الصفحة السابقة.
(٤) آل عمران : ٦٦.
(٥) تكملة يقتضيها السياق.