وكذلك : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) (١) (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ) (٢). أي : ما منا أحد إلا له مقام معلوم.
ويستدل متأوّل هذا على أن قوله أرجح بقوله تعالى : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) (٣) ألا ترى أن «منكم» ليس صفة ل «أحد» ، فإذا كان كذلك لم يكن فيه دلالة.
وما جاء من نحو ذا فى الشعر ، لا يحمل الكلام عليه ، لأنه حال سعة ، وليس حال ضرورة.
فإن قيل : «منكم» متعلقة بحاجزين ، ولا يصح أن يعلق «منكم» فى قوله : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) (٤) (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) (٥) بما بعد «إلّا» ولا يصح أن يكون خبرا عن «أحد» لأن «واردها» خبر عنه. و «له مقام معلوم» خبر عنه ، ولا يكونان خبرين ، كقولهم : هذا حلو حامض ، لأن «إلا» لا يفصل بينهما لأنهما بمنزلة اسم واحد / فى المعنى. وأيضا فإن المعنى يمنع من ذلك ، لأنه ليس يريد : إنه لا أحد منهم.
فهذا يمنع من أن يكون «منكم» خبرا ، ويمنع أن يكون «واردها» صفة ل «أحد». وكذلك «له مقام معلوم». ويمنع من ذلك أن «إلا» لا مدخل لها بين الاسم وصفة.
__________________
(١) مريم : ٧١.
(٢) الصافات : ١٦٤.
(٣) الحاقة : ٤٧.