من حذف الكل ، وليس كذلك الصفة ، ألا ترى أن الصفة لا تحذف كما يحذف الخبر ، فيسوغ حذف هذا البعض منها كما حسن حذف كلها ، فلا يجوز تقدم حذف الجار والمجرور هنا من حيث جاز حذفهما فى الخبر لما ذكرنا.
قال : وليس حذف «فيه» فى الآية كحذف «الهاء» من قوله : ويوم نسر (١) ؛ لأن «فيه» جار ومجرور. ولا يجوز فى الصلة : الذي مررت زيد : تريد : مررت به ، / وكذا لا يجوز حذف «فيه» بخلاف قوله : يوم نسر (٢) ؛ لأنه يحسن : الذي ضربت زيد.
وهذا الذي قاله عندى غيره قد جاء فى التنزيل : قال الله تعالى : (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا) (٣) أي خاضوا فيه.
وقال : (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ) (٤) أي : يبشر الله به عباده.
قال : (ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا) (٥) أي : لما لبثوا فيه.
على أنه حكى عن يونس أن «الذي» فى الآيتين بمنزلة المصدر ، والتقدير خضتم كخوضهم. (والذي يبشر) بمنزلة التبشير.
__________________
(١) هذا آخر جزء من عجز بيت للنمر بن تولب ، والبيت هو :
فيوم علينا ويوم لنا |
|
ويوم نساء ويوم نسر |
(٢) الكتاب لسيبويه (١ : ٤٤).
(٣) التوبة : ٦٩.
(٤) الشورى : ٢٣.
(٥) الكهف : ١٢.