قال أبو على : لا يكون من باب حذف المفعول ، لأن «بهم» فاعل ، نحو قولهم : ما جاءنى من رجل. والفاعل لا يحذف.
وإن قدّرت حذف الباء لكان : أبصروا. لكنه جرى «أبصر» مجرى الاسم به ، لدلالة : ما أميلح زيدا ، وما أقوله!
ويجرى مجرى نعم ، وبئس ، أو يصير ، كقوله :
ونار ، توقّد باللّيل نارا (١)
حيث حذف «كلا» لجرى ذكره فى قوله :
أكلّ امرئ تحسبين امرا
ولأنك لم تجمع الضمير فى «ما أفعل» فى موضع ، فحمل عليه.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) (٢) بعد قوله : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (٣).
روى عن ابن عباس أنه قال : المعنى : وكثير من الناس فى الجنة. وهذا حسن ، كأنه جعله استئناف كلام ، لأن ما تقدم من قوله : (يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) ، قد دخل تحته كثير الناس وقليلهم. فلم يحمله على التكرير ، وأضمر الخبر لدلالة ما يجىء بعد عليه.
__________________
(١) هذا عجز بيت ، صدره ذكر بعد. وهو لأبي داود. (الكتاب ١ : ٣٣).
(٢) الحج : ١٨.