وإن قدّرت «قادرين» : مقدرين عند أنفسهم رفع غلتهم وتحصيلها. وعلى هذا قراءة من قرأ : (فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ) (١)
وقال فى موضع آخر : قادرين عليها ، أي : على جناها وثمارها عند أنفسهم ، فحذف الجار لتقدم ذكره فى الكلام ، كما حذفه عند الخليل من قوله :
إنّ الكريم وأبيك يعتمل |
|
إن لم يجد يوما على من يتّكل (٢) |
والمعنى عنده : على من يتكل عليه ، وكذلك الآية ، وهو وجه.
ويبين أن «على» مرادة [بدليل] قوله فى [الآية] الأخرى : (وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها) (٣) أي : على ما أخرجت من ثمر وجنى.
وقوله : (خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) (٤) أي : قدّره على الاستواء ، فحذف الجار والمجرور ، لقوله (ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) (٥) ، وقدره على هذه الصورة التي هو عليها.
وقيل : أخرجه على التقدير.
وقيل : جعله على مقدار تقتضيه الحكمة.
وقيل : قدّره أحوالا : نطفة تارة ، وعلقة أخرى ، ثم مضغة ، إلى أن أتت عليه أحواله وهو فى رحم أمه.
وقيل : وقوع التقدير هنا بين الخلق وتيسير السبيل.
وتيسير السبيل ، يحتمل أن يكون بمعنى الإقدار ، لأن فعّل وأفعل أختان.
__________________
(١) المرسلات : ٢٣.
(٢) الكتاب (١ : ٤٤٣).
(٣) يونس : ٢٤.
(٤) عبس : ١٩.
(٥) الكهف : ٣٧.