قلنا : إن النصوص إذا وردت لأسباب لم تعلّق بها ، إلا أن يكون السبب منقولا معها ، كقول الراوي : منها رسول الله صلىاللهعليهوآله فسجد. فأما إذا وردت / مطلقة عن الأسباب ، فيعمل بظاهرها ، ولا تحمل على السبب ، فبقى الإشكال فى أنهم كيف عرفوا التحلل؟
فنقول : إن كان تأويل الإحصار المنع مطلقا من غير اعتبار سبب ، وإنما عرّفوا الإحلال بنصّ مطلق غير مقيد ، فإن كان التأويل هو المنع بالمرض فعرفوا الإحلال بمدلول النص ؛ فإن النص لما أباح الإحلال ، بمنع من جهة المرض ، فالمنع من جهة العدو أولى بالإباحة ، لأن منع العدو أشد ، فإنه حقيقى لا يدفع له إذا كانت القوة لهم ، ومنع المرض مما يزول بالدابة والمحمل ونحوه.
وكذلك إباحة الإحلال لضرب من الارتفاق يحصل به ، وهذا الارتفاق فى العدو أكثر ، لأن جميع ما يستفيده المريض يستفيده الممنوع بالعدو وزيادة ، وهى النجاة من شرهم بالرجوع ، والمريض لا يستفيد هذا ؛ والبيان من جهة الشرع مرة يكون بالنص ومرة بدلالته.
فإن قيل : فإذا حملناه على المرض فإن الله تعالى قال : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) (١) ، ولا تبتدر الأوهام إلى العدو.
__________________
(١) البقرة : ١٩٦.