فأما قولنا أطنب وأسهب ، فقوله عزّ من قائل : (وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا) (١) ولو قال : ولتأت طائفة أخرى (٢) لم يصلوا فليصلوا معك ، كان حسنا أيضا ، لكنها وصفت بقوله (أُخْرى) (٣) إطنابا فى الكلام ، كما قال : (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) (٤) وقال : (وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) (٥) وقال : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ) (٦).
وقال : (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) (٧) فيمن رفع ، لأن المعنى : لهم عذاب أليم من عذاب ؛ لأن الرّجز : العذاب ، بدلالة قوله : (فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) (٨) وقوله تعالى : (لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ) (٩) وقال : (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ) (١٠) وفى موضوع آخر : (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ) (١١).
قال أبو على : ومن قال : لهم عذاب من رجز أليم ، فرفع «أليما» كان المعنى : لهم عذاب أليم من عذاب. وليست فائدته كذلك.
فالقول فى ذلك أمران :
أحدهما أن الصفة قد تجىء على وجه التأكيد ، كما أن الحال قد تجىء كذلك فى قوله تعالى : (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً) (١٢).
__________________
(١) النساء : ١٠٢.
(٢) كذا في الأصل ، والأولى حذف كلمة «الأخرى» ليصح الاستشهاد.
(٣) النساء : ١٠٢.
(٤) النحل : ٥١.
(٥) النجم : ٢٠.
(٦) الحاقة : ١٣.
(٧) سبأ : ٥.
(٨) البقرة : ٥٩.
(٩) الأعراف : ١٣٤.
(١٠) الأعراف : ١٣٥.
(١١) الزخرف : ٥٠.
(١٢) البقرة : ٩١.