ومن ذلك قوله تعالى : (وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً) (١) والتقدير: على موطئ عقبيه فنكص عليهما ، فلم يسلك الصّراط السّوى فحاد وزاغ عنه وزال ، فإنما ذلك عليه ، لن يضرّ الله بذلك شيئا.
ومثله : (انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) (٢) أي : على مواطئ أعقابكم. ومن ذلك قوله تعالى : (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ) (٣) أي : من شرّ ذى الوسواس ، فحذف المضاف.
قال أبو علىّ فى الآية : فاعل «يوسوس» من قوله (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) : الجنّة.
وذلك أن أبا الحسن يقول : إن قوله (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) متعلّق «بالوسواس» ، كأنه : من شر الوسواس ، من الجنة والناس. وإذا كان كذلك ففاعل «يوسوس» هو «الجنّة» ولا يمتنع ذلك ، وإن كان لفظ «الجنّة» مؤنّثا ؛ لأن معنى الجن والجنّة واحد. والعائد على هذا إلى الموصول ، الهاء المحذوفة ، أي : الذي يوسوسه ، فحذف.
فإن قلت : إنّ فى هذا إضمارا قبل الذكر ، كما أن : ضرب غلامه زيد ، كذلك. وإن شئت كان مثل ما حكاه من قوله : إذا كان غدا فائتنى. والحال قد دلّت عليه.
وإن شئت قدّرت فى «الوسواس» فيكون العائد إلى الموصول ذكر الفاعل فى «يوسوس» : ولا تضمر الهاء كما أضمرت فى الوجه الآخر.
__________________
(١) آل عمران : ١٤٤.
(٢) آل عمران : ١٤٤.
(٣) الناس : ٤.