وعندى فيه نظر ، لأنّ كون قوله «يدخلونها» صفة لجنات لا يمنع عطف «ومن صلح» على الضمير الذي فيه.
ومن ذلك قوله تعالى : (قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ) (١) أي : أخذ من وجد فى رحله ، فحذف المضاف.
ومنه قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ) (٢) أي : أمر الله.
ومنه قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ) (٣) أي : أمم النبيين.
وقال : (كَمَثَلِ رِيحٍ) (٤) ، أي : كمثل إنفاق زرع ذى ريح ، فحذف ، أي : فإنفاق بعض هذا الزرع لا يجدى عليه شيئا ، كذلك إنفاق هؤلاء لا يجدى عليهم نفعا ولا يرد عنهم ضيرا. ووصف الزرع بأنه ذو ريح ، فى وقتها كان ، كما أن من قرأ فى قوله تعالى : (سَحابٌ ظُلُماتٌ) (٥) أضاف السحاب إلى الظلمات ، لأنه فى وقتها نشأت ، وعلى هذا ينبغى أن يحمل ، ليكون مثل النفقة. ولا تكون النفقة كالريح ولا كمثل الريح ، فانما هو كلام فيه اتساع لمعرفة المخاطبين بالمعنى ، كقولهم : ما رأيت كاليوم رجلا.
وقدره أبو علىّ / مرة أخرى : كمثل إهلاك ريح ، أو فساد ريح.
وإن جعلت «ما» بمنزلة «الذي» كان التقدير مثل إفساد ما ينفقون ، وإتلاف ما ينفقون ، كمثل إتلاف ريح ، تقدّر إضافة المصدر إلى المفعول فى الأول ، وفى الثاني إلى الفاعل.
__________________
(١) يوسف : ٧٥.
(٢) البقرة : ٢١٠.
(٣) آل عمران : ٨١.
(٤) آل عمران : ١١٧.
(٥) النور : ٤٠.