صلاح الإنسان وفلاحه في عنفوان شبابه دليلاً على صلاحه ونجاته في آخر عمره.
وبذلك يعلم أنّ ترضي القرآن عن المهاجرين والأنصار في قوله سبحانه : (لَقَدْ رَضِي اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (١)
ويؤيد ما ذكرناه انّه سبحانه حدّد ظرف الرضا بقوله : (إِذ يُبايعونك) ولا يكون دليلاً على رضاه طيلة حياتهم ، فلو دلّ دليل على زلة واحد منهم ، فيؤخذ بالثاني جمعاً بين الدليلين.
وقد يظهر مفاد قوله سبحانه : (والسَّابِقُونَ الأَوّلُونَ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنْصَارِ وَالّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْري تَحْتَهَا الأَنهَارُ خالِدينَ فِيهَا أَبَداً ذلِكَ الفَوزُ العَظِيمُ) (٢)
فانّ الآية دليل على شمول رضى الله لهم ، فيؤخذ بالآية مالم يدل دليل قطعي على خلافها ، فلو ثبت بدليل متواتر أو خبر محفوف بالقرينة ارتداد واحد منهم أو صدور معصية كبيرة أو صغيرة ، فيؤخذ بالثاني ، وليس بين الدليلين أي خلاف ، إذ ليس مقام صحابي أو تابعي أعلى من مقام ما جاء في هذه الآية ، أعني من آتاه الله سبحانه آياته وصار من العلماء الربانيين ولكن اتبع هواه فانسلخ عنها.
فما ربما يتراءى من إجماع غير واحدمن المفسرين بهذه الآيات على عدالة كافة الصحابة فكأنّها غفلة عن مفادها وإغماض عما صدر عن غير واحد من الصحابة من الموبقات والمعاصي والله العالم.
__________________
(١) الفتح : ١٨.
(٢) التوبة : ١٠٠.