وهذه الفروع والأغصان من الكثرة بحيث لا يزاحم أحدها الآخر ، كما انّها لا تتلوث بما على سطح الأرض.
د : (تعطي أُكلها كل حين) أي في كلّ فصل وزمان ، لا بمعنى كلّ يوم وكل شهرحتى يقال بأنّه ليس على وجه البسيطة شجرة مثمرة من هذا النوع.
وبعبارة أُخرى : انّ مثل هذه الشجرة لا تبخس في عطائها ، بل هي دائمة الأثمار في كل وقت وقّته الله لاثمارها.
هذا حال المشبه به ، وأمّا حال المشبه ، فقد اختلفت كلمتهم إلى أقوال لا يدعمها الدليل ، والظاهر انّ المراد من المشبه هو الاعتقاد الحقّ الثابت ، أعني التوحيد والعدل وما يلازمهما من القول بالمعاد.
فهذه عقيدة ثابتة طيبة لا يشوبها شيء من الشرك والضلال ولها ثمارها في الحياتين.
والذي يدل على ذلك هو انّه سبحانه ذكر في الآية التالية ، قوله : (يُثَبِّتُ اللهُ الّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الآخِرَةِ) (١) ، وهذا القول الثابت عبارة عن العقيدة الصالحة التي تمثلها كلمة التوحيد والشهادة بالمعاد وغيرهما ، قال السيد الطباطبائي :
القول بالوحدانية والاستقامة عليه ، هو حقّ القول الذي له أصل ثابت محفوظ عن كلّ تغير وزوال وبطلان ، وهو الله عزّ اسمه أو أرض الحقائق ، وله فروع نشأت ونمت من غير عائق يعوقه عن ذلك من عقائد حقة فرعية وأخلاق زاكية وأعمال صالحة يحيا بها المؤمن حياته الطيبة ويعمر بها العالم الإنساني حق
__________________
(١) إبراهيم : ٢٧.