فقد أخطأوا في أمرين :
أ : فرز نصيب لله من الحرث والأنعام ، وكأنّه سبحانه فقير يجعلون له نصيباً ممّا يحرثون ويربّون من أنعامهم.
ب : الجور في التقسيم والقضاء ، فيعطون ما لله إلى الشركاء دون العكس ، وما هذا إلّالجهلهم بمنزلته سبحانه وأسمائه وصفاته.
وقد أشار إلى ما جاء تفصيله في سورة الأنعام على وجه موجز في المقام ، وقال : (وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمّا رَزَقْناهُمْ تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمّا كُنْتُمْ تَفتَرُون)
ونظير ما سبق انّهم كانوا يبغضون البنات ويجعلونها لله ، ويحبون البنين ويجعلونهم لأنفسهم ، وإليه يشير سبحانه بقوله : (وَيَجْعَلُونَ للهِ البَناتِ سُبحانهُ وَلَهُم ما يَشتَهُون) والمراد من الموصول في (ما يشتهون) هو البنون ، وبذلك تبيّن معنى قوله سبحانه : (لِلّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوء) أي انّ المشركين المنكرين للآخرة يصفونه سبحانه بصفات السوء التي يستقبحها العقل ويذمّها ، وقد عرفت كيفية وصفهم له فوصفوه عند التحليل بالفقر والحاجة والنقص والإمكان ، والله سبحانه هو الغني المطلق ، فهو أعلى من أن يوصف بأمثال السوء ، ولكن الموحّد يصفه بالكمال كالحياة والعلم والقدرةوالعزّة والعظمة والكبرياء ، والله سبحانه عند المؤمنين (هُوَ الْمَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُالجَبّارُ الْمتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللهِ عَمّا يُشْرِكُونَ* هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْماءُ الْحُسْنى) (١) ، ويقول سبحانه : (وَلَهُ المَثَلُ الأَعلى فِي
__________________
(١) الحشر : ٢٣ ـ ٢٤.