وعلى ضوء ذلك تمثّل معبوداتهم الكاذبة مثل العبد الرق المملوك غير المالك لشيء ، ومثله سبحانه كمثل المالك للنعمة الباذل لها المتصرف فيها كيف شاء.
وذلك لأنّ صفة الوجود الإمكاني ـ أي ما سوى الله ـ نفس الفقر والحاجة لا يملك شيئاً ولا يستطيع على شيء.
وأمّا سبحانه فهو المحمود بكلّ حمد والمنعم لكلّ شيء ، فهو المالك للخلق والرزق والرحمة والمغفرة والإحسان والإنعام ، فله كلّ ثناء جميل ، فهو الربّ ودونه هو المربوب ، فأيّهما يصلح للخضوع والعبادة؟
ويدل على ما ذكرنا انّه سبحانه حصر الحمد لنفسه ، وقال : الحمد لله أي لا لغيره ، فالحمد والثناء ليس إلّا لله سبحانه ، ومع ذلك نرى صحة حمد الآخرين بأفعالهم المحمودة الاختيارية ، فنحمد المعطي بعطائه والمعلم لتعليمه والوالد لما يقوم به في تربية أولاده.
وكيفية الجمع انّ حمد هؤلاء تحميد مجازي ، لأنّ ما بذله المنعم أو المعلم أو الوالد لم يكن مالكاً له ، وإنّما يملكه سبحانه فهو أقدرهم على هذه الأعمال ، فحمد هؤلاء يرجع إلى حمده وثنائه سبحانه ، ولذلك صح أن نقول : إنّ الحمد منحصر بالله لا بغيره. ولذلك يقول سبحانه في تلك الآية : (وَالحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرهُمْ لا يَعْلَمُون) أي الشكر لله على نعمه ، يقول الطبرسي : وفيه إشارة إلى أنّ النعم كلّها منه. (١)
__________________
(١) مجمع البيان : ٣ / ٣٧٥.