ب : (وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمان بَعْد تَوكيدها) فالأيمان جمع يمين.
فيقع الكلام في الفرق بين الجملتين والظاهر اختصاص الأُولى بالعهود التي يبرمها مع الله تعالى ، كما إذا قال : عاهدت الله لأفعلنّه ، أو عاهدت الله أن لا أفعله.
وأمّا الثانية فالظاهر انّ المراد هو ما يستعمله الإنسان من يمين عند تعامله مع عباد الله.
وبملاحظة الجملتين يعلم أنّه سبحانه يؤكد على العمل بكلّ عهد يبرم تحت اسم الله ، سواء أكان لله سبحانه أو لخلقه.
ثمّ إنّه قيد الأيمان بقوله : بعد توكيدها ، وذلك لأنّ الأيمان على قسمين : قسم يطلق عليه لقب اليمين ، بلا عزم في القلب وتأكيد له ، كقول الإنسان حسب العادة والله وبالله.
والقسم الآخر هو اليمين المؤكد ، وهو عبارة عن تغليظه بالعزم والعقد على اليمين ، يقول سبحانه : (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمان) (١)
ثمّ إنّه سبحانه يعلل تحريم نقض العهد ، بقوله : (وَقَد جَعَلتم الله علَيكم كفيلاً انّ الله يعلم ما تَفْعلون) أي جعلتم الله كفيلاً بالوفاء فمن حلف بالله فكأنّه أكفل الله بالوفاء.
فالحالف إذا قال : والله لأفعلنّ كذا ، أو لأتركنّ كذا ، فقد علّق ما حلف عليه نوعاًمن التعليق على الله سبحانه ، وجعله كفيلاً عنه في الوفاء لما عقد عليه
__________________
(١) المائدة : ٨٩.