أطافا به ، فقوله في الآية (فَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ) أي جعلنا النخل مطيفاً بهما ، وقوله : (ما أظن أن تبيد) فهو من باد الشيء ، يبيد بياداً إذا تفرق وتوزع في البيداء أي المفازة.
«حسباناً» : أصل الحسبان السهام التي ترمى ، الحسبان ما يحاسب عليه ، فيجازى بحسبه فيكون النار والريح من مصاديقه ، وفي الحديث انّه قال صلىاللهعليهوآلهوسلم في الريح : «اللهم لا تجعلها عذاباً ولا حسباناً».
«الصعيد» يقال لوجه الأرض «زلق» أي دحضاً لا نبات فيه ويرادفه الصلد ، كما في قوله سبحانه : (فتركه صلداً) (١).
هذا ما يرجع إلى مفردات الآية.
وأمّا تفسيرها ، فهو تمثيل للمؤمن والكافر بالله والمنكر للحياة الأُخروية ، فالأوّل منهما يعتمد على رحمته الواسعة ، والثاني يركن إلى الدنيا ويطمئن بها ، ويتبين ذلك بالتمثيل التالي : قد افتخر بعض الكافرين بأموالهم وأنصارهم على فقراء المسلمين ، فضرب الله سبحانه ذلك المثل يبين فيها بأنّه لا اعتبار بالغنى المؤقت وانّه سوف يذهب سدى ، أمّا الذي يجب المفاخرة به هو تسليم الإنسان لربه وإطاعته لمولاه.
وحقيقة ذلك التمثيل انّ رجلين أخوين مات أبوهما وترك مالاً وافراً فأخذ أحدهما حقه منه وهوالمؤمن منهما فتقرب إلى الله بالإحسان والصدقة ، وأخذ الآخر حقه فتملك به ضياعاً بين الجنتين فافتخر الأخ الغني على الفقير ، وقال : (أنا أكثر منك مالاً وأعزّ نفراً) ، وما هذا إلّا لأنّه كان يملك جنتين من أعناب ونخل مطيفاً
__________________
(١) البقرة : ٢٦٤.