أن يجزيني ربي في الآخرة خيراً من جنتك ، كما أترقب أن يرسل عذاباً من السماء على جنتك فتصبح أرضاً صلبة لا ينبت فيها شيء ، أو يجعل ماءها غائراً ذاهباً في باطن الأرض على وجه لا تستطيع أن تستحصله.
قالها أخوه وهو يندّد به ويحذّره من مغبة تماديه في كفره وغيّه ويتكهن له بمستقبل مظلم.
فعندما جاء العذاب وأحاط بثمره ، ففي ذلك الوقت استيقظ الأخ الكافر من رقدته ، فأخذ يقلّب كفّيه تأسّفاً وتحسّراً على ما أنفق من الأموال في عمارة جنتيه ، وأخذ يندم على شركه ، ويقول : يا ليتني لم أكن مشركاً بربي ، ولكن لم ينفعه ندمه ولم يكن هناك من يدفع عنه عذاب الله ولم يكن منتصراً من جانب ناصر.
هذه حصيلة التمثيل ، وقد بيّنه سبحانه على وجه الإيجاز ، بقوله : (المالُ والبنونَ زِينَةُ الحَياةِ الدُّنيا وَالباقيِاتُ الصّالِحاتُ خَيرٌ عِنْدَ رَبّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) (١)
وقد روى المفسرون انّه سبحانه أشار إلى هذا التمثيل في سورة الصافات في آيات أُخرى ، وقال : (قالَ قائلٌ مِنْهُمْ إِنّي كانَ لِي قَرينٌ* يَقول أءِنّكَ لَمِنَ المُصَدِّقينَ* أإِذا مِتْنا وَكُنّا تُراباً وَعِظاماً أإِنّا لَمَدِينُونَ* قالَ هَل أَنْتُمْ مُطَّلِعُون* فَاطَّلَعَ فرآهُ فِي سَواءِ الجَحِيم) (٢)
إلى هنا تبيّن مفهوم المثل ، وأمّا تفسير مفردات الآية وجملها ، فالإمعان فيما ذكرنا يغني الباحث عن تفسير الآية ثانياً ، ومع ذلك نفسرها على وجه الإيجاز.
__________________
(١) الكهف : ٤٦.
(٢) الصافات : ٥١ ـ ٥٥.