القول الثالث : المراد هو الرسول ، لأنّه المرشد ، ولأنّه تعالى قال في وصفه :
(وسِراجاً مُنِيراً) (١) ولعلّ مرجع القولين الأخيرين هو الأوّل ، لأنّ القرآن والرسول من شعب هداية الله سبحانه.
القول الرابع : إنّ المراد ما في قلب المؤمنين من معرفة الشرائع ، ويدل عليه انّه تعالى وصف الإيمان بأنّه نور والكفر بأنّه ظلمة ، فقال : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ للإسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) (٢)
وقال تعالى : (لِتُخْرِجَ الناسَ مِنَ الظُّلُماتِ إلى النُّور) (٣). وحاصله انّ إيمان المؤمن قد بلغ في الصفاء عن الشبهات والامتياز عن ظلمات الضلالات مبلغ السراج المذكور.
وعلى هذا فالتمثيل مفرداً وهو تشبيه الهداية وما يقرب منها بنور السراج ، ولا يجب أن يكون في مقابل كل ما للمشبه به من الأُمور موجود في المشبه بخلاف الوجه التالي.
القول الخامس : إنّ المراد هو القوى المدركة ومراتبها الخمس ، وهي : القوة الحسّاسة ، القوة الخيالية ، القوة العقلية ، القوة الفكرية ، القوة القدسية.
وإليها أشارت الآية الكريمة : (وَكَذلِكَ أَوحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنتَ تَدري ما الكِتابُ وَلا الإِيمانُ ولكِن جعلناهُ نُوراً نهدِي بِهِ مَن نَشاءُ مِن عِبادنا) (٤)
فإذا عرفت هذه القوى فهي بجملتها أنوار ، إذ بها تظهر أصناف
__________________
(١) الأحزاب : ٤٦.
(٢) الزمر : ٢٢.
(٣) إبراهيم : ١.
(٤) الشورى : ٥٢.