هو الخالق الذي يدبر العالم كيفما يشاء ، والمربوب مستسلم لربه.
ثمّ إنّه سبحانه رتَّب على ذلك مسألة إمكان المعاد ، بقوله : (وَهُوَ الّذي يَبْدَؤُا الخَلْق ثُمَّ يُعيدهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْه).
وحاصل البرهان : انّه سبحانه قادر على الخلق من العدم ـ كما هو المفروض فالقادر على ذلك قادر على الإعادة ، إذ ليس هو إعادة من العدم ، بل إعادة لصورة الأجزاء المتماسكة وتنظيم المتفرقة ، فالخالق من لا شيء أولى من أن يكون خالقاً من شيء.
ثمّ إنّ هذه الأولوية حسب تفكيرنا ورؤيتنا ، وإلّافالأُمور الممكنة أمام مشيئته سواء ، قال علي عليهالسلام : وما الجليل واللطيف ، والثقيل والخفيف ، والقوي والضعيف في خلقه إلّا سواء. (١)
ولأجل توضيح هذا المعنى ، قال سبحانه : (وَلَهُ المَثَلُ الأَعلى فِي السَّمواتِ وَالأَرْض وَهُوَ الْعَزيزُ الحَكيم) والمراد من المثل الوصف ، والمراد من المثل الأعلى هو الوصف الأتم والأكمل ، الذي له سبحانه ، فهو علم كله ، قدرة كله ، حياة كله ، ليس لأوصافه حد.
إلى هنا تم ما ذكره القرآن من البرهان على إمكانية قيام المعاد بحشر الأجسام.
وإليك بيان الأمر الثاني وهو التنديد بالشرك في العبادة من خلال التمثيل الآتي.
__________________
(١) نهج البلاغة : الخطبة ١٨٥.