الكافر أسوأ حالاً من البحر الأُجاج الذي يشاطر البحر الفرات في أمرين :
أ : يستخرج من كلّ منهما لحماً طرياً يأكله الإنسان ، كما قال سبحانه : (وَمن كلّ تأكُلون لَحماً طَرياً)
ب : يستخرج من كلّ منهما اللآلئ التي تخرج من البحر بالغوص وتلبسونها وتتزينون بها.
إلى هنا تم التمثيل ، ثمّ إنّه سبحانه شرع لبيان نعمه التي نزلت لأجلها السورة ، وقال : (وَتَرى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله لعلّكم تشكرون) ، والدليل على أنّه ليس جزء المثل تغير لحن الكلام ، حيث إنّ المثل ابتدأ بصيغة الماضي ، وقال : (وَما يستوي البحران) ولكن ذيله جاء بصيغة المخاطب (وترى الفلك) وهذا دليل على أنّه ليس جزء المثل.
مضافاً إلى أنّ مضمون الجملة جاء في سورة النحل ، وقال : (وَهُوَ الّذي سَخَّرَ البَحْرَ لتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١)
وبذلك يظهر انّ وزان الآية ، وزان قوله سبحانه : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوُبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهي كَالحِجارة أَو أَشَدُّ قَسوةً وانّ مِنَ الحِجارةِ لَمَا يَتفجّرُ مِنْهُ الأَنْهارُ وَإنّ مِنْها لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنهُ الماءُ وإِنّ مِنْها لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَما اللهُ بِغافلٍ عَمّا تعْمَلُون) (٢)
فكما أنّ الحجارة ألين من قلوبهم ، فهكذا الملح الأُجاج أفضل من الكافر ، حيث إنّه يفيد.
__________________
(١) النحل : ١٤.
(٢) البقرة : ٧٤.