القبيحة ، ومصدر كل شر ، وفي المقابل انّ الإيمان بالآخرة هو منشأ كل حسنة ومنبع كلّ خير وبركة ، فكلّ وصف سوء وقبيح يلزم الإنسان ويلحقه ، فإنّما يأتيه من قبل عدم الإيمان بالآخرة ، كما أنّ كلّ وصف حسن يلزم الإنسان ينشأ من الإيمان بها ، وبذلك ظهر معنى قوله : (لِلَّذينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَة مَثَل السُّوء) الذي يدلّ بالملازمة للذين يؤمنون بالآخرة لهم مثل الحسن.
وأمّا قوله سبحانه : (وَللهِ المَثَلُ الأَعلى) فمعناه أنّه منزّه من أن يوصف بصفات مذمومة وقبيحة كالظلم ، قال سبحانه : (ولا يَظلم رَبُّك أَحداً) (١) وفي الوقت نفسه فهو موصوف بصفات محمودة.
فكلّ وصف يستكرهه الطبع أو يردعه العقل فلا سبيل له إليه ، فهو قدرة لا عجز فيها ، وحياة لا موت معها إلى غير ذلك من الصفات الحميدة ، بخلاف ما يقبله الطبع فهو موصوف به.
وقد أشار إلى ذلك في غير واحد من الآيات أيضاً ، قال : (وَلَهُ المَثَلُ الأَعلى فِي السَّماواتِ وَالأَرْضِ) (٢) ، وقال : (لَهُ الأَسْماءُ الحُسْنى) (٣) ، فالأمثال منها دانية ومنها عالية فإنّما يثبت له العالي بل الأعلى. (٤)
ومنه يعلم أنّ الأمثال إذا كان جمع مثْل ـ بالسكون ـ فالله سبحانه منزّه من المثْل والأمثال ، وأمّا إذا كان جمع مثَل ـ بالفتح ـ بمعنى الوصف الذي يحمد به سبحانه ، فله الأمثال العليا ، والأسماء الحسنى كما مرّ.
__________________
(١) الكهف : ٤٩.
(٢) الروم : ٢٧
(٣) طه : ٨.
(٤) لاحظ : الميزان : ١٢ / ٢٤٩.