(ذلِكَ يَومٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ وَذلِكَ يَومٌ مَشْهُود) (١) والمراد به (ذلك يوم مجموع له الناس) أي يجمع فيه الناس كلّهم الأوّلون والآخرون منهم للجزاء والحساب والهاء في له راجعة إلى اليوم (وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُود) أي يشهده الخلائق كلّهم من الجن والإنس وأهل السماء وأهل الأرض أي يحضره ولا يوصف بهذه الصفة يوم سواه وفي هذا دلالة على إثبات المعاد وحشر الخلق. (٢)
هذا كلّه حول المقسم به ، وأمّا المقسم عليه فيحتمل أن يكون أحد أمرين :
أ : (قُتِلَ أَصحابُ الأُخْدُود) وفسره بقوله : (النّارِ ذات الوقُود) أي أصحاب الأُخدود هم أصحاب النّار التي لها من الحطب الكثير ما يشتد به لهيبها ، ويكون حريقها عظيماً ، ولهيبها متطايراً.
ثمّ أشار إلى وصف آخر لهم (إِذْ هُمْ عَلَيها قُعُود) أي أحرقوا المؤمنين بالنار وهم قاعدون حولها يشرفون عليهم وهم يعذبون بها ويوضحه قوله في الآية اللاحقة : (وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنينَ شُهُود) أي أُولئك الجبابرة الذين أحرقوا المؤمنين كانوا حضوراً عند تعذيبهم يشاهدون ما يُفعل بهم ، وفي هذا إيماء إلى قسوة قلوبهم ، كما فيه إيماء إلى قوة اصطبار المؤمنين وشدّة جلدهم ورباطة جأشهم.
وأمّا الصلة بين ما حلف به من السماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد ومشهود وجواب القسم فهي انّه سبحانه حلف بالسماء ذات البروج والبروج آية الدفاع حيث كان أهل البلد يدافعون من البروج المبنية على سور البلد عن بلدهم ، قال سبحانه : (وَلَقَدْجَعَلْنا فِي السَّماءِبُرُوجاً وَزَيَّنّاها لِلنّاظرين* وَحَفِظْناها مِنْ
__________________
(١) هود : ١٠٣.
(٢) مجمع البيان : ٥ / ١٩١.