الفصل الثاني
القسم في سورة الذاريات
لقد حلف سبحانه بأُمور أربعة متتابعة وقال :
(وَالذّارِياتِ ذَرْواً).
(فَالحامِلاتِ وِقْراً).
(فَالجارِياتِ يُسْراً).
(فَالمُقسِّمات أمراً* إِنّما تُوعدونَ لصادِقٌ* وإنَّ الدِّينَ لَواقِع). (١)
ثمّ حلف بخامس فرداً أي قوله : (وَالسَّماءِ ذاتِ الحُبُك).
أمّا الأوّل أعني : (والذارِيات ذَرواً) فهي جمع ذارية ، ومعناها الريح التي تُنشر شيئاً في الفضاء ، يقول سبحانه : (فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الأَرضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذَرُوهُ الرِّياح). (٢) ولعلّ هذه قرينة على أنّ المراد من الذاريات هي الرياح.
وأمّا الحاملات ، فهي ، من الحمل ، والوقر على زنة الفكر ـ ذو الوزن الثقيل.
والمراد منه السحب ، يقول سبحانه : (هُوَ الَّذي يُريكُمُ البَرقَ خَوفاً وَطَمَعاً وَيُنشئُ السَّحابَ الثِّقال) (٣) ، وقال سبحانه : (حَتّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ
__________________
(١) الذاريات : ١ ـ ٦.
(٢) الكهف : ٤٥.
(٣) الرعد : ١٢.