الفصل الخامس عشر
القسم في سورة البلد
حلف سبحانه في سورة البلد بأُمور أربعة : البلد ، ومن حلّ فيه ، ووالد ، وما ولد ، وقد حلف بالثاني كناية وبما سواه تصريحاً ، قال سبحانه : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ* وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذا البَلَدِ* وَوالِدٍ وَما وَلَدَ* لَقَدْخَلَقْنَا الإِنْسان في كَبَد). (١)
تفسير الآيات
حلف فيها سبحانه بمكة المكرمة كما حلف بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الحالِّ فيها ، ومقتضى التناسب بين الأقسام أن يكون المراد من الوالد والولد ، هو إبراهيم وإسماعيل اللذان بنيا البيت ، ودعا إبراهيم كلّ راكب وراحل إلى زيارته.
أمّا الحلف الأوّل فواضح ، لأنّ البيت مركز للتوحيد ولعبادة الله سبحانه ، وهو مطاف أنبياء الله العظام وأوليائه ، فقد بلغ من المكانة مرتبة صلح أن يحلف به سبحانه ، كيف وقد قال سبحانه في حق البيت : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للنّاسِ لَلَّذي بِبَكَةَ مُباركاً وهُدًى لِلْعالَمين). (٢)
قال سبحانه : (وَإِذْجَعَلْنَا الْبَيْت مثابَةً لِلنّاسِ وَأَمْناً) (٣) ، وقال : (جَعَلَ اللهُ
__________________
(١) البلد : ١ ـ ٤.
(٢) آل عمران : ٩٦.
(٣) البقرة : ١٢٥.