ثانيهما : انّ المقسم عليه محذوف يعلم من الآيات التي أعقبت هذه الاقسام ، قال سبحانه : (أَلَمْ تَرَكَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ* إِرَمَ ذاتِ الْعِماد* التّي لَمْ يُخْلَق مِثْلُها فِي البِلاد* وَثَمُودَ الّذِينَ جابُوا الصَّخرَ بِالواد* وَفرْعَونَ ذِي الأَوتاد* الَّذينَ طَغَوْا فِي البِلاد* فَأَكْثَروا فِيهَا الفَسادَ* فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبّكَ سَوطَ عَذابٍ* إِنَّ رَبّكَ لَبِالْمِرصاد). (١)
فالمفهوم من هذه الآيات انّه سبحانه حلف بهذه الأقسام بغية الإيعاد بأنّه يعذب الكافرين والطاغين والعصاة كما عذب قوم عاد وثمود ، فالإنسان العاقل يعتبر بما جرى على الأُمم الغابرة من إهلاك وتدمير.
أمّا وجه الصلة بين المقسم به والمقسم عليه فهو : انّ من كان ذا لبٍّ ، علم أنّ ما أقسم الله به من هذه الأشياء فيه دلائل على قدرته وحكمته ، فهو قادر على أن يكون بالمرصاد لأعمال عباده فلا يعزب عنه أحد ولا يفوته شيء من أعمالهم لأنّه يسمع ويرى جميع أقوالهم وأفعالهم خصوصاً بالنظر إلى ما أدَّب به قوم عاد وثمود مع ما كان لهم من القوة والمنعة.
__________________
(١) الفجر : ٦ ـ ١٤.