فعبّر عنه بالتنفّس ، فكأنّه موجود حي يبث ما في نفسه إلى الخارج ، أمّا عظمة الفجر فواضحة ، لأنّ الحياة رهن النور ، وطلوع الفجر يثير بارقة الأمل في القلوب حيث تقوم كافة الكائنات الحية إلى العمل وطلب الرزق.
وأمّا الليالي العشر فهي عبارة عن الليالي التي تنزل فيها بركاته سبحانه إلى العباد ، سواء فسرت بالليالي العشر الأُولى من ذي الحجّة أو الليالي العشر من آخر شهر رمضان. فالليل من نعمه سبحانه حيث جعله سكناً ولباساً للإنسان وقال : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً) (١) ، كما جعله سكناً للكائنات الحية حيث ينفضون عن أنفسهم التعب والوصب ، قال سبحانه : (فالِقُ الإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيلَ سَكَناً). (٢)
وأمّا الشفع والوتر ، فقد جاء مبهماً وليس في القرآن ما يفسر به فينطبق على كلّ شفع ووتر ، وبمعنى آخر يمكن أن يراد منه صحيفة الوجود من وتره كالله سبحانه وشفعه كسائر الموجودات.
وأمّا قوله : (واللَّيل إِذا يسر) أقسم بالليل إذا يمضي ظلامه ، فلو دام الليل دون أن ينجلي لزالت الحياة ، يقول سبحانه : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ ان جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْل سَرْمداً إِلى يَومِ القِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضياءٍ أَفَلا تسْمَعُون). (٣)
فتبين مما سبق منزلة المقسم به في هذه الآيات وانّها تتمتع بالكرامة والعظمة. وأمّا المقسم عليه فيحتمل وجهين :
أحدهما : انّه عبارة عن قوله سبحانه : (إِنَّ رَبّكَ لَبِالْمِرصاد) (٤)
__________________
(١) النبأ : ١٠.
(٢) الأنعام : ٩٦.
(٣) القصص : ٧١.
(٤) الفجر : ١٤.