الفصل الثامن عشر
القسم في سورة الضحى
حلف سبحانه في تلك السورة بأمرين ، أحدهما الضحى ، والآخر : (اللَّيل إِذا سَجى) ، وقال : (وَالضُّحى * وَاللَّيلِ إِذا سَجى * ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى * وللآخِرةُ خَيرٌ لَكَ مِنَ الأُولى* وَلَسوفَ يُعْطيكَ رَبُّكَ فَتَرضى). (١)
تفسير الآيات
المراد من الضحى وقت الضحى ، وهو صدر النهار حتى ترتفع الشمس وتلقي شعاعها ، قال سبحانه : (وَأَنْ يُحْشَرَ النّاسُ ضُحى). (٢)
وقوله : (وَالليلِ إذا سَجى) أي والليل إذا سكن ، يقال : سجى البحر سجواً ، أي سكنت أمواجه ، ومنه استعير تسجية الميت ، أي تغطيته بالثوب ، والمراد إذا غطى الليلُ وجه الأرض وعمّت ظلمتُه جميع أنحاء البسيطة. هذا هو المقسم به.
وأمّا المقسم عليه : فهو ما جاء عقبه ، أي ما تركك يا محمد ربّك وما أبغضك منذ اصطفاك. (وللآخِرةُ خَيرٌ لَكَ من الأُولى) أي ثواب الآخرة والنعيم الدائم فيها خير لك من الدنيا الفانية. (ولَسَوفَ يُعْطيكَ رَبُّكَ فَتَرضى) أي
__________________
(١) الضحى : ١ ـ ٥.
(٢) طه : ٥٩.