حكم الله أن لا يتبعوهم وإثبات للحسد ، والثاني رد من الله لذلك وإثبات لجهلهم بأمور الدين.
(قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً)(١٧)
(قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ) كرر ذكرهم بهذا الاسم مبالغة في الذم وإشعارا بشناعة التخلف. (سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) بني حنيفة أو غيرهم ممن ارتدوا بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أو المشركين فإنه قال : (تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) أي يكون أحد الأمرين إما المقاتلة أو الإسلام لا غير كما دل عليه قراءة «أو يسلموا» ، ومن عداهم يقاتل حتى يسلم أو يعطي الجزية. وهو يدل على إمامة أبي بكر رضي الله عنه إذا لم تتفق هذه الدعوة لغيره إلا إذا صح أنهم ثقيف وهوازن فإن ذلك كان في عهد النبوة. وقيل فارس والروم ومعنى (يُسْلِمُونَ) ينقادون ليتناول تقبلهم الجزية. (فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً) هو الغنيمة في الدنيا والجنة في الآخرة. (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ) عن الحديبية. (يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) لتضاعف جرمكم.
(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) لما أوعد على التخلف نفى الحرج عن هؤلاء المعذورين استثناء لهم عن الوعيد. (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) فصل الوعد وأجمل الوعيد مبالغة في الوعد لسبق رحمته ، ثم جبر ذلك بالتكرير على سبيل التعميم فقال: (وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً) إذ الترهيب ها هنا أنفع من الترغيب ، وقرأ نافع وابن عامر ندخله ونعذبه بالنون.
(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (١٨) وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً)(١٩)
(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) روي : أنه صلىاللهعليهوسلم لما نزل الحديبية بعث جوّاس ابن أمية الخزاعي إلى أهل مكة ، فهموا به فمنعه الأحابيش فرجع ، فبعث عثمان بن عفان رضي الله عنه فحبسوه فأرجف بقتله ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أصحابه وكانوا ألفا وثلاثمائة أو أربعمائة أو خمسمائة ، وبايعهم على أن يقاتلوا قريشا ولا يفروا عنهم وكان جالسا تحت سمرة أو سدرة. (فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ) من الإخلاص. (فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ) الطمأنينة وسكون النفس بالتشجيع أو الصلح. (وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) فتح خيبر غب انصرافهم ، وقيل مكة أو هجر.
(وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها) يعني مغانم خيبر. (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) غالبا مراعيا مقتضى الحكمة.
(وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢٠) وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً)(٢١)
(وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها) وهي ما يفيء على المؤمنين إلى يوم القيامة. (فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ) يعني مقام خيبر. (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ) أي أيدي أهل خيبر وحلفائهم من بني أسد وغطفان ، أو أيدي قريش بالصلح. (وَلِتَكُونَ) هذه الكفة أو الغنيمة. (آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) أمارة يعرفون بها أنهم من الله بمكان ، أو