(٣٨) سورة ص
مكية وآيها ست أو ثمان وثمانون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ)(٢)
(ص) وقرئ بالكسر لالتقاء الساكنين ، وقيل إنه أمر من المصاداة بمعنى المعارضة ، ومنه الصدى فإنه يعارض الصوت الأول أي عارض القرآن بعملك ، وبالفتح لذلك أو لحذف حرف القسم وإيصال فعله إليه ، أو إضماره والفتح في موضع الجر فإنها غير مصروفة لأنها علم السورة وبالجر والتنوين على تأويل الكتاب. (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) الواو للقسم إن جعل (ص) اسما للحرف أو مذكور للتحدي ، أو للرمز بكلام مثل صدق محمد عليه الصلاة والسلام ، أو للسورة خبر المحذوف أو لفظ الأمر ، وللعطف إن جعل مقسما به كقولهم : الله لأفعلن بالجر والجواب محذوف دل عليه ما في (ص) من الدلالة على التحدي ، أو الأمر بالمعادلة أي إنه لمعجز أو لواجب العمل به ، أو إن محمدا لصادق أو قوله :
(بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي ما كفر به من كفر لخلل وجده فيه (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا) به. (فِي عِزَّةٍ) أي استكبار عن الحق. (وَشِقاقٍ) خلاف لله ورسوله ولذلك كفروا به ، وعلى الأولين الإضراب أيضا من الجواب المقدر ولكن من حيث إشعاره بذلك والمراد بالذكر العظة أو الشرف والشهرة ، أو ذكر ما يحتاج اليه في الدين من العقائد والشرائع والمواعيد ، والتنكير في (عِزَّةٍ وَشِقاقٍ) للدلالة على شدتهما ، وقرئ في «غرة» أي غفلة عما يجب عليهم النظر فيه.
(كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ)(٣)
(كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) وعيد لهم على كفرهم به استكبارا وشقاقا. (فَنادَوْا) استغاثة أو توبة أو استغفارا. (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) أي ليس الحين حين مناص ، ولا هي المشبهة بليس زيدت عليها تاء التأنيث للتأكيد كما زيدت على رب وثم ، وخصت بلزوم الأحيان وحذف أحد المعمولين ، وقيل هي النافية للجنس أي ولا حين مناص لهم ، وقيل للفعل والنصب بإضماره أي ولا أرى حين مناص ، وقرئ بالرفع على أنه اسم لا أو مبتدأ محذوف الخبر أي ليس حين مناص حاصلا لهم ، أو لا حين مناص كائن لهم وبالكسر كقوله :
طلبوا صلحنا ولات أوان |
|
فأجبنا أنّ لات حين بقاء |
إما لأن لات تجر الأحيان كما أن لولا تجر الضمائر في قوله : لولاك هذا العام لم أحجج ، أو لأن أوان شبه باذ لأنه مقطوع عن الإضافة إذ أصله أوان صلح ، ثم حمل عليه (مَناصٍ) تنزيلا لما أضيف إليه الظرف منزلته لما بينهما من الاتحاد ، إذ أصله يحن مناصهم ثم بنى الحين لإضافته إلى غير متمكن (وَلاتَ) بالكسر كجير ، وتقف الكوفية عليها بالهاء كالأسماء والبصرية بالتاء كالأفعال. وقيل إن التاء مزيدة على حين لاتصالها به في الامام ولا يرد عليه أن خط المصحف خارج عن القياس إذ مثله لم يعهد فيه ، والأصل اعتباره إلا فيما خصه الدليل ولقوله :