(٤٣) سورة الزخرف
مكية وقيل إلا قوله : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا)
وآيها تسع وثمانون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (٤)
(حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) أقسم بالقرآن على أنه جعله قرآنا عربيا ، وهو من البدائع لتناسب القسم والمقسم عليه كقول أبي تمام : وثناياك أنّها إغريض. ولعل أقسام الله بالأشياء استشهاد بما فيها من الدلالة على المقسم عليه ، وبالقرآن من حيث إنه معجز مبين لطرق الهدى وما يحتاج إليه في الديانة ، أو بين للعرب ما يدل على أنه تعالى صيره كذلك
(لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) لكي تفهموا معانيه.
(وَإِنَّهُ) عطف على إنا ، وقرأ حمزة والكسائي بالكسر على الاستئناف. (فِي أُمِّ الْكِتابِ) في اللوح المحفوظ فإنه أصل الكتب السماوية ، وقرئ أم الكتاب بالكسر. (لَدَيْنا) محفوظا عندنا عن التغيير. (لَعَلِيٌ) رفيع الشأن في الكتب لكونه معجزا من بينها. (حَكِيمٌ) ذو حكمة بالغة ، أو محكم لا ينسخه غيره. وهما خبران لأن و (فِي أُمِّ الْكِتابِ) متعلق ب «عليّ» واللام لا تمنعه ، أو حال منه و (لَدَيْنا) بدل منه أو حال من (أُمِّ الْكِتابِ).
(أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ)(٥)
(أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً) أفنذوده ونبعده عنكم مجاز من قولهم : ضرب الغرائب عن الحوض ، قال طرفة :
اضرب عنك الهموم طارقها |
|
ضربك بالسّيف قونس الفرس |
والفاء للعطف على محذوف أي أنهملكم فنضرب (عَنْكُمُ الذِّكْرَ) ، و (صَفْحاً) مصدر من غير لفظه فإن تنحية الذكر عنهم أعراض أو مفعول له أو حال بمعنى صافحين ، وأصله أن تولي الشيء صفحة عنقك. وقيل إنه بمعنى الجانب فيكون ظرفا ويؤيده أنه قرئ «صفحا» بالضم ، وحينئذ يحتمل أن يكون تخفيف صفح جمع صفوح بمعنى صافحين ، والمراد إنكار أن يكون الأمر على خلاف ما ذكر من إنزال الكتاب على لغتهم ليفهموه. (أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ) أي لأن كنتم ، وهو في الحقيقة علة مقتضية لترك الإعراض عنهم ، وقرأ نافع وحمزة والكسائي (أَنْ) بالكسر على أن الجملة شرطية مخرجة للمحقق مخرج المشكوك استجهالا لهم ، وما قبلها دليل الجزاء.